بداية من 2011 سيخضع الموظفون الجدد لتكوين خاص ينتهي بامتحان الترسيم أكد مديرو معاهد التسيير والتخطيط في الجزائر أن المؤسسات العمومية والخاصة مهددة بالزوال، لقلة الكفاءات وتراجع “خبرة” الموارد البشرية، وذلك بسبب غياب التكوين وانعدام استراتيجية الأبعاد المستقبلية، لاسيما وأن معظم موظفي الشركات يتجهون إلى التقاعد دون تحضير الأجيال التي تخلفهم وبكفاءات عالية تتجاوز النظام الكلاسيكي. ذهب في هذا الاتجاه المدير العام للمدرسة العليا للتسيير، بلقاسم محمد شريف، الذي قال: “تعرف المؤسسات المحلية هجرة أدمغة جماعية وفردية، قد تصل إلى 30 إطارا سنويا من إجمالي 500 موظف لدى شركة”، موضحا أن الهجرة قد تكون إلى قطاعات أخرى وشركات تستثمر محليا، لاسيما الشركات الأجنبية لوجود الإغراءات المالية، ومنهم من يتجه إلى دول أمريكا، وبالضبط كندا التي تستقبل الآلاف من إطارات الجزائر سنويا، بعد أن تراجع منسوب الهجرة إلى أوروبا بسبب الأزمة العالمية، فضلا عن توجه الأدمغة إلى دول الخليج المتوفرة على البحبوحة المالية. وعوض أن تسعى الجزائر إلى جلب أبنائها من الخارج، لا تزال تهمش جانب التكوين ورفع مستوى الموظفين، ما أدى إلى تدهور الإنتاجية وتراجع النوعية - النظام الكلاسيكي - في مختلف القطاعات، حتى قطاع التربية والتعليم العالي، الذي يعاني من إنتاج حاجيات المؤسسات والسوق من مختلف الكفاءات البشرية، ولم يستجب للمتطلبات. وأكد ذات المتحدث، خلال ندوة المجاهد أمس، أن الجزائر تستورد الكفاءات من الخارج حاليا، لاسيما من آسيا، بالرغم من أنها كانت تصدر الكفاءات قبل 20 سنة، وربما هو الخطأ الذي وقعت فيه الحكومة، إذ لم تحفز هؤلاء للبقاء ولبناء جيل مستقبلي ذي كفاءة مهنية في التسيير وهو رأي مسؤول بجامعة التكوين المتواصل، قايد خالد، الذي كشف بدوره عن إجراء جديد بخصوص توظيف الكفاءات وخريجي الجامعات والمعاهد الوطنية، حيث قال: “طبقا للمادة 9 من قانون التعليم العالي، فإنه يتوجب على كل من يتم توظيفه من الآن فصاعدا، أن يخضع لتكوين وإجراء تربص بجامعة التكوين المتواصل، ينتهي بامتحان لترسيم الموظف، وفي حال فشله في الامتحان يبقى الموظف متربصا إلى غاية نجاحه”. وبيّن أن هذه الخطوة مهمة جدا لتحديد مستوى الموظفين، بالرغم من أنهم حملة شهادات جامعية أو مهنية، كما كشف عن توقيع اتفاق شراكة مع جامعة كومبان الفرنسية، من أجل منح شهادات “سي. دو. زي” مستوى أول وثاني لكل الهيئات، تخص تسيير واستغلال مجال الإعلام الآلي، بغية إثبات التموقع الحقيقي في السوق، وكذا بعث مشاريع التكوين المتواصل لتحديث النظام الكلاسيكي، والاستفادة من تحويل التكنولوجيات ميدانيا، في حال تكوين كفاءات محلية قادرة على ذلك. وقال قايد خالد إن ما فعلته جامعة التكوين المتواصل في 3 سنوات، لم تفعله هيئات أخرى في 20 سنة، ولقد تطرقنا في “الفجر”، في عدد سابق، إلى موضوع الاستنجاد بهذه الجامعة، بعد أن فشلت باقي المساعي في رفع مستوى كفاءات الموارد البشرية، ولعل قطاع التربية أول المستفيدين من حملة إعادة التكوين وترقية المستوى، حيث يقول قايد: “هناك 100 ألف أستاذ تعليم متوسط يخضعون لتكوين رفع المستوى بجامعتنا إلى غاية 2015، بالإضافة إلى 50 ألف أستاذ تعليم ابتدائي”. ومن جهته أكد المدير العام للمعهد الوطني للتخطيط والتسيير، راقد محمد، أن مؤسستهم فتحت قبل 3 أشهر مسابقة توظيف مسيرين ومسؤولين على مستوى المعهد، إلا أنها لم تعثر إلا على 4 إلى 5 إطارات ذوي كفاءة، والمئات الأخرى من دون مستوى وأعاب على الجامعات ومعاهد التكوين سوء التعليم وتخرج الدفعات من دون كفاءات، كما امتعض من غياب أدنى استراتيجية تكوين متواصلة عبر مختلف المؤسسات المحلية، ما يؤدي إلى توقف الكفاءات عن العطاء والانقطاع عن التكنولوجيات الجديدة، رغم وجود “بحبوحة” مالية كافية لاقتناء مختلف التقنيات، لكن التعامل بالنظام الكلاسيكي خلّف خسائر بالملايير سنويا، خصوصا وأن الجامعات لا تستجيب لمتطلبات السوق من جهة، وتفتقد لتكوين أساتذتها دوريا من جهة أخرى، فهُم حبيسو النظام القديم، رغم إدراج الإصلاحات التربوية.