شدد عدد من الخبراء والمختصين في الموارد البشرية على ضرورة تحسين مستويات الأجور والتكوين للمستخدمين بالمؤسسات الجزائرية، قصد مواجهة ظاهرة الهجرة والنزيف للكفاءات نحو الخارج أو إلى المؤسسات الأجنبية التي اقتحمت السوق الوطني للاستثمار في قطاعات مختلفة. وحصر الخبير كريم خليفي في مداخلته حول آفاق وعراقيل سوق الكفاءات بالجزائر خلال أشغال اليوم الأول من ''ملتقى الدولي الأول لتسيير الأخطار الداخلية بالمؤسسة على أداء الموارد البشرية'' المشاكل التي تعاني منها الشركات الجزائرية في ضعف المداخيل الشهرية للموظف، حيث تشهد سوق العمل انفتاحا على المؤسسات الأجنبية التي تقدم عروضا مالية مغرية وامتيازات متعددة مقارنة بالمؤسسات العمومية الكبرى، التي لا تستطيع تحديد سقف الأجور الذي يخضع لإملاءات القانون الأساسي ومطالب النقابات العمالية وقرارات الحكومة. وأشار المتحدث إلى إشكالية هجرة الأدمغة والكفاءات بخبرة طويلة ما بين 5 إلى 10 سنوات ومستوى عالي من التكوين، في مجال الإعلام الآلي وصناعة البرمجيات والتطبيقات وكذا الاتصالات ومهندسي التنقيب عن المحروقات، حيث تضررت الكثير من المؤسسات الجزائرية ونظيرتها بالمغرب وتونس من هذه الظاهرة التي تنخر أساسها وقدراتها على المنافسة. وتطرق المتحدث إلى عامل التضخم في الكفاءات والعروض التي تجعل من المستخدمين أو الكتلة البشرية في رحلة بحث عن مناصب راقية وأجرة عالية قصد تحسين المستوى المعيشي. وفي ذات السياق، طرح كريم خليفي جملة من الحلول التي تحول دون هروب الكفاءات في ظل الآليات التي خلقتها الجزائر، للاستفادة من الخبرة التي حققتها العقول المهاجرة في سبيل تطوير قدرات المؤسسات الجزائرية، وتعميمها على الموظفين الجدد لاكتساب مهارات حديثة تتلاءم مع متطلبات السوق. وأكد الخبير على ضرورة ترقية إدارة الموارد البشرية كوسيلة أو جهاز مركزي استراتيجي في المؤسسة من طرف أرباب العمل مع إعطائها قيمتها المعنوية والمادية الحقيقية، فضلا عن تعميم وسائل تميز حجم الأخطار والمشاكل التي تهدد مستخدمي المؤسسات، والاستعانة بالتخطيط المستقبلي لمناصب الشغل والكفاءات. من جهتها، ركزت عقيلة شرقو مديرة التكوين المتواصل والعلاقات المشتركة ما بين القطاعات لدى وزارة التكوين المهني على أهمية عامل التكوين للموارد البشرية والرسكلة الدورية لمختلف العمال في كافة القطاعات، من خلال وضع شبكة للتوجيه وإعداد مدونة الشعب بما يتلائم مع احتياجات سوق العمل. وفي هذا الإطار، قالت المسؤولة إن أكثر من 200 ألف متربص سنويا بشهادة تكوين والتربص يتخرجون سنويا، فيما تستقبل مراكز التكوين المهني والمعاهد التقنية نحو 700 ألف مترشح في كل دورة تحت تأطير 12 ألف أستاذ على المستوى الوطني، حيث تسعى الوزارة الوصية إلى إدماج حوالي 80 في المائة من المتربصين في مجال التمهين مباشرة داخل الورشات لتطبيق المناهج النظرية. وأشارت عقيلة شرقو إلى مخطط الشراكة الذي تم إبرامه مع الشركاء الاقتصاديين من أجل تسيير الأخطار المتعلقة بالموارد البشرية، حيث سيتم عقد جلسات وطنية لقطاع التكوين المهني قريبا لدراسة أهم الآليات الضرورية لتكيف التخصصات التكوينية مع متطلبات سوق العمل.