تعيش تونس حالة طوارئ غير معلنة، فبعد تدخل الجيش وعجز قوات الأمن التونسية عن احتواء الاحتجاجات على البطالة والفقر، ارتفع عدد القتلى وفقا لما نقلته مصادر إعلامية إلى خمسين قتيلا، وأعلنت السلطات غلق المدارس والجامعات إلى أجل غير مسمى. وجاء خطاب الرئيس التونسي مهاجما ومتوعدا للمحتجين وواصفا إياهم بالإرهابيين أكثر منه خطابا يطرح الحلول ويمتص الغضب الجماهيري حصيلة الضحايا في احتجاجات تونس تتعدى 50 قتيلا دموية الأحداث تثير ردود فعل من أوروبا والأمم المتحدة بعد واشنطن ارتفع عدد ضحايا العنف في مدينة القصرينالتونسية إلى 50 قتيلا وفقا لما نقله أمس موقع ”العربية نت”. وقال الصادق المحمودي، عضو الاتحاد المحلي التونسي للشغل (المركزية النقابية) لذات المصدر أن ”هناك حالة فوضى عارمة في القصرين بعد ليلة من أعمال العنف وإطلاق قناصة النار، ونهب وسرقة متاجر ومنازل من قبل الشرطة التي انسحبت إثر ذلك”. وأضاف المسؤول النقابي أن ”عدد القتلى فاق الخمسين قتيلاً” بحسب حصيلة جمعت من مصادر طبية في مستشفى القصرين. غلق المدارس والجامعات إلى أجل غير مسمى وكانت تونس أعلنت عن إغلاق المدارس والجامعات ابتداء من البارحة حتى إشعار آخر في سبيل السيطرة على الاحتجاجات. وفي تصريحات إعلامية وصف وزير التعليم والبحث العلمي التونسي، البشير التكاري، قرار السلطات إغلاق جميع المدارس والجامعات ولأجل غير مسمى بأنه إجراء وقائي. وكان بيان رسمي أرجع هذا القرار إلى ما أسماها ”أعمال الشغب التي شهدتها عدد من المؤسسات التربوية والجامعية، وفي انتظار نتائج التحقيق لتحديد مسؤوليات المتسببين فيها، ومن قام بدفع التلاميذ الأبرياء والطلبة إلى أعمال التشويش والعنف وبث الفوضى بالشارع في بعض المناطق”. بن علي يتوعد المحتجين ويصفهم ب ”الإرهابيين” في ثاني خطاب له منذ بدء الاحتجاجات، وصف الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الاضطرابات التي تشهدها عدة مدن في بلاده حاليا بأنها ”عمل إرهابي” تقف وراءه ”أطراف خارجية وعصابات ملثمة”. ففي ثاني خطاب له منذ اندلاع الاحتجاجات الاجتماعية في 18 من الشهر الماضي، قال الرئيس التونسي ”إن هذه الأيادي استغلت بدون أخلاق حدثا أسفنا له جميعا، وحالة يأس نتفهمها كانت قد وقعت في سيدى بوزيد منذ أسبوعين، والاعتداء ليلا على مؤسسات عمومية وحتى على مواطنين في منازلهم، عمل إرهابي لا يمكن السكوت عنه”. ووصف الاضطرابات بأنها ”أعمال قلّة مأجورة وإرهابية تسيرها من الخارج أطراف يغيظها نجاح تونس الذي تشهد به مؤسسات دولية نزيهة”. وتوعد بن علي ”كل من يعمد للنيل من مصالح البلاد وتغرير أبنائها وشبابها بأن القانون سيكون هو الفيصل”، مشيرا إلى أن ”العدالة أخذت مجراها” لتحديد المسؤولين عن هذه الاضطرابات. وقال بن علي - الذي يشغل منصبه منذ 1987 - إن الحكومة ستتخذ إجراءات عاجلة لخلق مزيد من الوظائف، وهو الأمر الذي كان من الأسباب الرئيسية للاحتجاجات. كما قرر بن علي عقد ندوة وطنية الشهر المقبل تشارك فيها مؤسسات رسمية وأهلية لطرح تصوراتها بشأن تشجيع التشغيل، إضافة إلى ”إعطاء دفع جديد لوسائل التلفزة والصحافة المكتوبة لتعزيز هذه النقلة وتعزيز حرية التعبير عن مشاغل الوطن”. أوروبا تدعو تونس إلى إطلاق سراح المعتقلين والأمم المتحدة تعرب عن قلقها دخل الاتحاد الأوروبي على خط الأزمة التي تشهدها تونس حاليا حيث دعت وزيرة خارجية الاتحاد، كاثرين أشتون، السلطات التونسية إلى الإفراج فورا عن المتظاهرين الذين اعتقلوا بسبب الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي تشهدها البلاد منذ نحو أربعة أسابيع. كما دعت المفوضية الأوروبية على لسان المتحدثة، مايا كوسيانسيتش، إلى ”ضبط النفس في استخدام القوة واحترام الحريات الأساسية”. وفي السياق نفسه، عبر بيان صادر عن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة عن الشعور بالقلق إزاء ”تصاعد العنف” في تونس، ودعا إلى ضبط النفس وحث جميع الأطراف على حل الخلافات عبر الحوار مع التأكيد على الالتزام الكامل بحرية التعبير. وكانت وزارة الخارجية التونسية استدعت سفير الولاياتالمتحدة لدى تونس، غوردن غراي، وأبلغته استغرابها من الموقف الذي عبّر عنه الناطق باسم الخارجية الأمريكية على خلفية الاحتجاجات الشعبية في تونس، حيث استدعت وزارة الخارجية الأمريكية يومَ الجمعة الماضي السفير التونسي في واشنطن، محمد صلاح تقية، وسلمته رسالة تعبر عن القلق الأمريكي من الطريقة التي تم التعامل بها مع الاحتجاجات في تونس. الحزب الديمقراطي التقدمي يدعو إلى حكومة إنقاذ وفي تطور لافت، دعا الحزب الديمقراطي التقدمي في بيان حمل توقيع أمينته العامة، مية الجريبي، إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني، تأخذ على عاتقها إعداد تونس للانتقال إلى الديمقراطية في أفق 2014. يذكر أن شرارة الاحتجاجات اندلعت يوم 18 ديسمبر الماضي من ولاية سيدي بوزيد بعد إقدام بائع متجول على الانتحار بإحراق نفسه احتجاجا على تعرضه للصفع والبصق على الوجه من قبل شرطية تشاجر معها بعدما منعته من بيع الخضر والفواكه دون ترخيص من البلدية، ولرفض سلطات الولاية قبول تقديمه شكوى ضد هذه الشرطية. وتقول الحكومة إن نسبة البطالة في تونس التي يقطنها أكثر من عشرة ملايين نسمة بلغت 13 %، حيث يوجد نصف مليون عاطل عن العمل بينهم مائة ألف من خريجي الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، في حين يعتقد معارضون أن الأعداد الحقيقية للعاطلين أعلى بكثير مما هو معلن.