دعت، أمس، منظمة “هيومن راتس ووتش” الدول “القوية” إلى ممارسة ضغوطها على الحكومات التي “تثبت” انتهاكاتها لحقوق الإنسان ومساومتها بمنع المساعدات العسكرية والدعم لدفعها إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان، وانتقدت المنظمة في تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان في العالم اعتماد هذه الدول على “الحوار الناعم” مع الحكومات المنتهكة وعدم عملها على قمع هذه الممارسات، غير أن التقرير توصل في النهاية الى أن الانتهاكات موجودة في الدول “القوية” وغيرها على حد سواء. ولم يختلف التقرير عن سابقيه كثيرا في الشق المتعلق بوضعية حقوق الإنسان في الجزائر خلال سنة 2010، باستثناء اعتراف منظمة هيومن رايتس ووتش بتحسن الأوضاع الأمنية في البلاد، وانخفاض وتيرة الهجمات الإرهابية بشكل ملحوظ مقارنة بسنوات التسعينيات، وبالمقابل انتقدت “هيومن راتس ووتش” إبقاء السلطات الجزائرية على حالة الطوارئ وتمديدها إلى أجل غير مسمى، واستعمالها لفرض قيود على حرية التجمع والتعبير وتكوين جمعيات. وعدد التقرير منع تجمعات عائلات المفقودين، ومنع ندوة حول حقوق الإنسان ومؤتمر الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان. وجاء في نص التقرير، الذي نشرته المنظمة أول أمس على موقعها الالكتروني، إن “الجزائر واصلت تجربة واسعة النطاق من انتهاكات حقوق الإنسان في 2010”، ولكن التقرير يعود إلى سنوات خلت والى الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية الذي طوي ملفات التجاوزات التي ارتكبها أفراد من قوات الأمن والجماعات المسلحة، وجاء فيه “إن أفراد من قوات الأمن والجماعات المسلحة يستمرون في التمتع بشكل واسع من الإفلات من العقاب فيما يخص الأعمال الوحشية المُرتكبة خلال الصراع الداخلي العنيف خلال تسعينيات القرن الماضي”. كما عادت المنظمة لتوظيف ملف المفقودين من خلال “التذكير” بأن الحكومة الجزائرية عوضت أهالي المفقودين دون أن تعطيهم إجابة حول مصير أبنائهم. وعن حرية التعبير، انتقد التقرير تحكم الدولة في بث وسائل الإعلام الثقيلة وعدم بثها للتدخلات المنتقدة لسياسة الحكومة خلال جلسات البرلمان، وبالمقابل ترى “هيومن رايتس ووتش” أن الحرية الأكبر التي تتمتع بها الصحافة المكتوبة في الجزائر تبقى الدولة تتحكم فيها من خلال الإشهار والاعتماد على إيرادات إعلانات القطاع العام الذي يحرم الصحافة من ممارسة حرية أكبر في ممارسة الإعلام. وأشار التقرير إلى متابعة عدد من الصحفيين بتهمة القذف وإهانة مؤسسات الدولة بسبب القوانين “القمعية”. كما لفتت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى منع السلطات الجزائرية حقوقيين وصحفيين من الدخول إلى الجزائر، من ضمنهم أعضاء في المنظمة رفضت سفارة الجزائر منحهم التأشيرات لدخول الجزائر في أكتوبر المنصرم من أجل القيام بأبحاث عامة، وهو ما يطرح تساؤلا عن درجة “مصداقية” التقرير الذي ينتقد الأوضاع في الجزائر ويتهمها بمواصلة انتهاك حقوق الإنسان، كما أشار التقرير إلى منع أعضاء من منظمة العفو الدولية من زيارة الجزائر السنة المنصرمة، وامتناع الحكومة عن الإجابة عن خمسة طلبات قدمتها هيئة الأممالمتحدة، بينها طلب فريق العمل المعني بحالات الاختفاء القسري والمقررين المعنيين بالتعذيب وحقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب. ومن جهة أخرى، انتقدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قانون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، خاصة ما يتعلق بعدم معاقبة المسلمين الذين يدعون معتنقي الديانات الأخرى إلى اعتناق الإسلام، وجاء فيه “تُجرم القوانين الجزائرية التبشير الذي يمارسه غير المسلمين تجاه المسلمين ولكنها لا تجرم العكس”، رغم أن الدستور يفصل في كون الإسلام دين الدولة، لكن “هيومن رايتس” تسعى إلى قلب الموازين بالدعوة بشكل مباشر إلى منع المسلمين من نشر دينهم على أرضهم، ولا يروقها تحصين الجزائريين من المتابعة القضائية على نشر الإسلام، واستدلت بعدد من المحاكمات التي جرت في 2010 وعاقب فيها القضاء المبشرين.