اعتبر باحثون في مؤتمر هرتزليا للأمن القومي الإسرائيلي الحادي عشر المنعقد منذ الأحد الماضي أن الوقت لم يعد في صالح إسرائيل، في تحول عما كان عليه الحال في السابق بسبب عدد من المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية. وأكد مدير قسم الشؤون الدبلوماسية والإستراتيجية في مركز هرتزليا أليكس مونتس -في كلمته ضمن ندوة عن مستقبل المنطقة- أن الزمن لم يعد في صالح إسرائيل التي كانت تراهن على ضعف العرب وخلافاتهم، مشددا على أن الوضع الراهن تغير. وعدد مونتس أهم عوامل التغيير المؤثرة، فأشار لتراجع قوة الولاياتالمتحدة في المنطقة وانشغالها بالقضايا الداخلية كما تجلى ذلك في تخليها عن الرئيس المصري حسني مبارك –حسب تعبيره- إضافة لفشلها في العراق وأفغانستان ومواجهتها أزمة اقتصادية حادة. كما أشار مونتس إلى عدة عوامل أخرى مؤثرة أبرزها تنامي المد الإسلامي في المنطقة والعالم، وتعزز مكانة قوى المقاومة في لبنان وغزة، ودخول سلاح الصواريخ على خط المواجهة وخسارة إسرائيل للحليف التركي، وتعثر المفاوضات مع الفلسطينيين، واحتمال انهيار الأنظمة العربية الحالية، في إشارة لما تشهده مصر بعد تونس. ودعا الباحث إسرائيل للإسراع في استئناف المفاوضات قبل فوات الأوان، وتابع "دللت وثائق الجزيرة وشهادات رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت على أن هناك شريكا فلسطينيا". واقترح مونتس انتقال إسرائيل لشن هجمة دبلوماسية من خلال محاولة إخراج سوريا من محور المقاومة تماشيا مع توصيات رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ومحاولة دفع تركيا للعودة إلى نقطة محايدة. وحذر الباحث من مخاطر المشاكل الداخلية المعقدة في إسرائيل التي تعاني من أزمة في نظام الحكم وعدم استقرار سياسي، علاوة على اتساع الفجوات الاقتصادية والاجتماعية التي تنعكس على مدى تلاحم الإسرائيليين، معتبرا أن كل ذلك من شأنه أن يصيب إسرائيل بالشلل. ويشار إلى أن ما يعرف بمقياس المناعة القومية الجديد الذي كشفت نتائجه في المؤتمر، دلل على تراجع وطنية الإسرائيليين بشكل واضح. كما تبنى رئيس مؤتمر هرتزليا للأمن القومي داني روتشيد هذه النظرة، وأكد أن هناك تطورات في الشرق الأوسط تضعف الدول العربية "المعتدلة" وإسرائيل وتهدد كيانها مقابل تزايد قوة محور المقاومة. وأشار إلى تراجع الولاياتالمتحدة عن دورها في المنطقة بعد تغيير سلم أولوياتها، قائلا "بدون تغيير جذري في السياسة الخارجية الأمريكية ستزداد الأوضاع خطورة وربما سنشهد قريبا ظاهرة أحجار الدومينو على الصعيد العربي تنهار فيه الأنظمة العربية". وكانت رئيسة المعارضة تسيبي ليفني قالت في كلمتها أمام المؤتمر يوم أمس إن هناك أزمة قيادة في إسرائيل وإن الحكومة تتخذ قرارات بدوافع شخصية. وعما يحدث في مصر قالت ليفني إن "هذه الأيام ضبابية والإسرائيليون يخشون على مصيرهم والقيادة لا تمسك بزمام الأمور"، وحذرت من أن إسرائيل ترتكب خطأ تاريخيا بتريثها وانتظارها ما سيحدث في مصر، لأن قرارها اليوم من شأنه تغيير أجواء المنطقة. وأضافت ليفني أن إسرائيل اليوم أمام قرار حاسم ينبغي أن يتم اتخاذه كي لا تتلاشى كدولة يهودية ديمقراطية، معتبرة أن التسوية على أساس الدولتين حاجة ملحة جدا بالنسبة إليها. يذكر أن فيلما إسرائيليا بعنوان "إسرائيل 2048" -يعرض حاليا في إسرائيل- يتنبأ بزوال إسرائيل عام 2048 نتيجة فقدان المناعة القومية وتلاشي اللحمة الداخلية.