التجار في صدر الإسلام كانوا يقنعون بالربح القليل رأفة بالناس كان التجار في صدر الإسلام يقنعون بالربح القليل رأفة بالناس.. لكن الحال تغيرت حاليا وغلب على التجار الجشع. وأصبح من الواجب تحديد سعر كل سلعة حماية للناس.. فهل هذا مطابق للشريعة الإسلامية؟ علماء الدين يقولون لم يرد في التسعير نص من كتاب الله، وإنما ورد حديث رواه كثير من أصحاب السنة وصححه الترمذي وابن حبان.. فعن أنس رضي الله عنه قال “غلا السعر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله لو سعرت؟! فقال “إن الله هو القابض الباسط الرازق المسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله عز وجل لا يطالبني أحد بمظلمة ظلمتها في دم ولا مال”. فطائفة من العلماء، بناء على هذا الحديث، منعت التسعير وجعلته مكروها علي الأقل. ولكن جمهور العلماء يري جواز التسعير، فعن سيدنا مالك رضي الله عنه قال: يجوز للإمام أن يسعر، وقال الإمام الشافعي يجوز ذلك في حالة الغلاء. وأما الإمام النعمان فإنه يكره التسعير إلا إذا تعدى أرباب الطعام في القيمة تعديا فاحشا، وذلك بأن يبيع بالضعف وعجز الحاكم عن صيانته الحقوق للناس إلا بالتسعير، فلا بأس حينئذ بمشورة أهل الخبرة، لأن فيه صيانة للحقوق من الضياع. أما الذين أجازوا التسعير فقد فهموا من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتبر الغلاء أمرا يقتضي التسعير، لأنه كان غلاء معتادا فيه ولا ظلم يلحق بالناس، بل ربما رأي الناس تريد أن تبخس التجار وأصحاب السلع حقهم فلم يوافق على التسعير. وأسلوب الحديث ليس فيه تحذير من التسعير أوالتصريح بالنهي عنه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان التجار في عهده صلى الله عليه وسلم لا يغلب عليهم الجشع والطمع في مال الناس.. والوضع الآن يختلف حيث طغت المادة على أغلب التجار فلم يبالوا بالاستغلال الفاحش، وأصبحت مشروعية التسعير من قبيل دفع الضرر الأكثر بالضرر الأدنى. ويقول ابن القيم: إن غلو الأسعار والتحكم في حاجات الناس من البغي والفساد، فيجب التسعير عليهم”.