في خضم أسئلة السياسة ودوشة أخبار الرصاص وثورة البشر والطبيعة، ارتأينا أن نفتح اليوم ثقبا في جدار الزمن لنعود من خلاله إلى عالم أثّث ذاكرتنا بالدهشة والابتسامة، وهو عالم الرسوم المتحرّكة.. بمجرّد التفكير في هذا الموضوع تتحرّك عضلات الوجه ابتساما، وتطيش الذاكرة بنا، بحثا عن تلك الصور الشقيّة التي جمعت طفولتنا بشاشة الإبهار، زمان كنّا نركض مع حدود الساعة الخامسة مساءً للّحاق بموعد فتح باب سمسم أو مشاركة أحزان بوليانا وأحلام ريمي وركوب القارب نحو مُدن الذهب مع مندوزا.. وهنا تحضرني مفارقة جميلة؛ هي أنني كنت دائما أتعاطف مع الشخصيات الشريرة في مسلسلات الكرتون.. وإلى يومنا هذا لا زلت أعتقد أن البطل الحقيقي في مسلسل "السنافر" مثلا، كان شرشبيل، وأن الشخصيات الأكثر جلبا للمتعة في مسلسل "سنان" كانت شخصيات فرفور وزعبور وشرشور، وطالما تعاطفت مع القطّ "توم" ضدّ العنف الذي يمارسه عليه الفأر "جيري" يوميا.. كم جميل هو عالم الرسوم المتحرّكة الذي يجعلك صديقا حتّى مع الأشرار.. أذكر أن الوقت الذي كان يجمعنا مع هذا العالم الساحر كان شحيحا جدا، وكنا نرتقب وصول دقائقه القليلة بفارغ الشوق، ولا أعرف إن كان تسونامي الكرتون في زمن سبايس تون هذا، يوفّر لأطفال اليوم تلك المتعة التي وفرتها لنا ساعة التلفزة الجزائرية؛ قبل عقدين من الزمن.. لكنني على يقين بأن براءة التلقي في هذا الزمن تراجعت بكثير، في الوقت الذي بات أطفال اليوم يفضّلون متابعة شطحات القذّافي على نغمات زنڤة زنڤة، وأخبار الرؤساء الفارين وأرقام سرقاتهم في مسلسلات إخبارية يومية تكتسح شاشات التلفزيون، كما أنني على يقين بأن أطفال اليوم لن يتعاطفوا بأي حال من الأحوال مع أشرار هذه المسلسلات والذين أثبتوا للعالم كلّه أن شرورهم لم يتخيّلها حتى مبدعو الخيال الكرتوني، وأكاد أجزم أن شرور شرشبيل في مدينة السنافر، هي أفعال خيّرة بمنطق القذّافي وبن علي وآل مبارك.