العقيد القذافي هدد الرئيس الفرنسي ساركوزي بكشف أمره للرأي العام الفرنسي لأن العقيد القذافي موّل حملة ساركوزي الانتخابية بمبلغ 50 مليون دولار نقدا.. والقانون الفرنسي لا يسمح بمثل هذه الممارسات في فرنسا! الأكيد أن المجتمع الفرنسي سيسأل الرئيس الفرنسي في الأمر.. لأن الشعب الفرنسي لا يرضى بالتدخل الأجنبي في الشأن الفرنسي الانتخابي حتى بالمال! لكن الشعب الليبي لا ولن يسأل العقيد القذافي عن صرف مال الشعب الليبي في انتخابات أجنبية! القضية هي في الحقيقة فضيحة للقذافي أكثر من أن تكون فضيحة لساركوزي! ساركوزي مذنب ويحاسب من طرف الشعب الفرنسي رغم أنه جلب للفرنسيين 50 مليون دولار لتصرف في فرنسا.. لكن القذافي الذي أعطى من مال الشعب الليبي 50 مليون دولار لا يُسأل عما فعل! بوكاسا إمبراطور إفريقيا الوسطى وصديق القذافي سبق له أن أعطى هو أيضا "ألماسات" ثمينة لزوجة الرئيس الفرنسي الأسبق جيسكار ديستان وقد عوقب ديستان من طرف الفرنسيين بما سمي بفضيحة "ألماسات" بوكاسا! ولكن بوكاسا لا يعاقب لأنه مثل صديقه القذافي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون؟! حتى عندما أتذكر أنه سنة 1983 انفجرت فضيحة تمويل الجزائر لانتخابات الرئيس الراحل فرانسوا ميتران.. ونشرت جريدة "الكنار أونشيني" الخبر وأثار نشره فضيحة في الجزائر وفي فرنسا على السواء! إذ كيف تجرؤ دولة كانت مستعمرة من طرف فرنسا على التدخل في الشأن السياسي الفرنسي الداخلي بواسطة المال؟! وثارت ثائرة الجزائريين في دوائر السلطة والحزب بخصوص هذا التصرف من مسؤول جزائري.. وطلب الرئيس الشاذلي محاسبة الفاعلين في الجزائر.. فقام البعض بتكذيب الفعل نفسه ونفيه! ووصلوا إلى حد رفع دعوى قضائية في باريس ضد صحيفة "الكنار" التي نشرت الخبر! ولكن "الكنار" نشرت في العدد الموالي صورة للصك الصادرة لصالح حزب ميتران من ودادية الجزائريين في فرنسا.. والودادية هيئة حكومية جزائرية! وعاقب الفرنسيون الحزب الاشتراكي الفرنسي ولم يعاقب أي أحد في الجزائر! القذافي يكون قد استفاد من الدرس الجزائري ولذلك لم يسلم المبلغ بصك بل سلمه نقدا حتى لا يحرج صديقه سركوزي! أولمرت رئيس وزراء إسرائيل أبعد من منصبه في رئاسة الوزراء وأحيل على العدالة بسبب استلامه مبالغ مالية من جمعيات يهودية في أمريكا ولم يصرفها وفق القانون الإسرائيلي! هكذا هو حالهم.. يجلبون المال لبلدانهم ويعاقبون على عدم صرفها وفق القانون.. ويعطي زعماؤنا مال الشعب بسخاء ولا يحاسبون! والسؤال الذي يجب أن يوجه إلى العقيد القذافي: إذا كان إعطاؤك المال الليبي لسركوزي تعتبره فضيحة وعملا غير أخلاقي وغير قانوني فلماذا فعلته إذن؟! والسؤال بالطبع لا يحتاج إلى إجابة.