يجمع الخبراء والمتخصصون في شؤون السياسية الدولية، على أن موقف الجزائر المتوازن تجاه الأحداث في ليبيا، هو ما يدفع بالمجلس الانتقالي الليبي إلى توجيه اتهاماته للجزائر، ويرى الخبراء أنه في حال ما لو كان موقف الجزائر هو العكس، لما تجرأ أحد من المعارضين الليبيين على اتهام الجزائر حتى ولو كانت هناك حقائق بتورطها أو كما يزعمون أوضح الخبير الاستراتيجي بمركز الدراسات الإفريقية، حمدي عبد الرحمان، ل”الفجر”، أن المعارضة كانت تود الضغط الإعلامي لكي تدفع بالجزائر لتحديد موقف تجاه الأحداث. وقال حمدي: “المعارضة كانت تروج في البداية لشائعات حول الجزائر، لكنها وحسب رأي الخبير فهي لم تحسب عواقب كلامها”. ذا ويؤكد الخبير العسكري المصري والمحلل الاستراتيجي اللواء أركان حرب طلعت مسلم، في اتصال هاتفي مع “الفجر”، أن التهم التي تقوم بتوجيهها المعارضة الليبية إلى الجزائر ما هي إلا مزاعم لا يمكن أن تكون حقيقية على حد قوله، وأوضح اللواء طلعت، أن تلك التهم هي محاولة واضحة لإقحام الجزائر في الحرب من أجل تنفيذ أجندة سياسية أجنبية تهدف، حسب اللواء، إلى ضرب أمن واستقرار المنطقة. وقال اللواء طلعت: “التهم هي محاولة لتوجيه الصراع إلى الحدود من أجل جعل المنطقة تعيش في فوضى وهو ما يعزز للمعارضة، من الوصول إلى أهدافها”. وشكك اللواء في أن تكون للمعارضة أجندة واحدة تتحرك بها. وقال: “إذا كانت المعارضة اللبيبة تهدف حقا إلى الإطاحة بنظام القذافي وتغيير الأوضاع في ليبيا إلى الأحسن عليهم التوجه إلى الحوار والليونة وليس بالصراع العسكري الذي يؤكد التاريخ أن نتائجه وخيمة”. وأضاف محدثنا: “لا حل في ليبيا إلا من خلال وقف إطلاق النار، وليس من خلال توجيه تهم إلى الدول والدخول في صراع أيديولوجي مع دول الحدود“. خطر التشكيلة الجهويّة للمجلس الانتقالي تكرّس إعلاميا اعتبار أعضاء المجلس الانتقالي الليبي ناطقين رسميين باسم ثوار بنغازي وأوصياء على ثورة الشباب الليبي، بعد أن روّجوا لفكرة أن لا تفاوض بشأن ثورتهم إلا من خلالهم. وتخشى عدة دول عالمية من أن يتحول المجلس الانتقالي إلى تنظيم يقود ليبيا نحو الانقسام ويعزز من احتمال انتشار تنظيمات متطرفة تضع أمن واستقرار الشمال الإفريقي على خط مؤشرات الخطر. تم الإعلان عن تأسيس المجلس الوطني الانتقالي في شهر مارس 2011، على إثر الثورة التي وصفت بأنها ثورة الشباب الليبي، والتي انطلقت في بنغازي تماشيا مع موجة الثورات العربية، غير أن بعض الخبراء يشككون في حقيقة المجلس الانتقالي، كما يقول آخرون إنه لا يمثل حقيقة الشعب الليبي الثائر. ويرجع المراقبون شكوكهم إلى أن طبيعة الأشخاص الذين يضمهم المجلس، الذي يترأسه المستشار القانوني الليبي مصطفى عبد الجليل، المتهم بسكوته عن مجزرة أبوسليم، التي قام بها القذافي سنة 1996 وكان وقتها عبد الجليل يشغل منصب وزير العدل. وتعتبر مجزرة أبو سليم واحدة من أبرز الملفات التي دفعت بثورة الشباب الليبي نحو الشارع. وفي وقت يحاول المجلس الانتقالي الدفاع عن هويته الوطنية، عبر الأنترنت والخرجات الإعلامية التي يقوم بها أنصاره وأعضاؤه الذين يشددون على أنهم الممثل الشرعي للشعب الليبي، يوضح المشككون في طبيعة المجلس الانتقالي وفي هويته أن موقفهم من المجلس الانتقالي سببه أن هذا الأخير أنشئ بطلب من الولاياتالمتحدة التي هددت أعضاء المجلس الحاليين بمصير أسود في حال وقوفهم إلى القذافي، خاصة وأن لدى الولاياتالمتحدة الأدلة الكافية على تورط هؤلاء في قضايا خطيرة مالية وإنسانية أثناء توليهم للمناصب الحساسة في عهد القذافي. وعلى حد ما جاء في موقعه فالمجلس يتكون من واحد وثلاثين عضوا ينحدر معظمهم من غرب ليبيا. هدفهم هو قيادة لليبيا في الفترة الانتقالية إلى حين إجراء انتخابات حرة ووضع دستور للدولة الليبية. وتمت تسمية أعضاء المجلس عن مناطق البطنان والقبة وبنغازي وتم التحفظ على أسماء أعضاء المجلس من مناطق أجدابيا والزنتان ومصراتة ونالوت وغات لدواع أمنية. ويعتقد المراقبون أن طبيعة المجلس الانتقالي ستقود ليبيا نحو الانقسام. هذا ويقول المجلس أنه يستمد شرعيته من قرارات المجالس المحلية التي شكلها ثوار 17 فبراير لتسيير الأمور اليومية بالمدن والقرى المحررة من عصر معمر القذافي، تحقيقا لمكتسبات الثورة ووصولا لتحقيق أهدافها. ويسعى المجلس إلى تسليح ثواره، ويرفض المقايضة على المناطق الاستراتيجية في ليبيا كما يدعو إلى وحدة ليبيا التي يؤكد الخبراء أنها أضحت في مهب الريح.