يبدو أن السعودية باتت الملاذ الآمن لكل الرؤساء الذين تضيق بهم شعوبهم بعدما يرفضهم حتى حلفاؤهم في الغرب، فزين العابدين بن علي بعد أن رفضته فرنسا حليفته الأولى استقبل في الرياض، ومبارك أيضا كان مرحبا به في السعودية لولا أنه اختار البقاء في مصر، وفر الرئيس اليمني بجلده أيضا إلى السعودية فيما يستبعد أن يلجأ العقيد الليبي معمر القذافي إلى السعودية نظرا لخلافاته الشخصية مع العاهل السعودي، ولا الرئيس السوري بشار الأسد نظرا لعلاقاته مع إيران وحماس. لم تفلح المساعي الدبلوماسية الخليجية في إقناع الرئيس اليمني بتوقيع المبادرة الخليجية التي انتهت بالفشل، وأصر صالح على دفع اليمن إلى حرب أهلية، لكن نيران الحرب الأهلية بدأت برأس الرئيس اليمني حيث أجبر بالقوة على مغادرة اليمن هاربا إلى السعودية بعد هجوم استهدفه في عقر قصره الرئاسي، ليضطر مجبرا على الرحيل بعدما كان مخيرا وبعدما رفض فرصة الرحيل بتوقيع المبادرة الخليجية بصورة تحفظ بعضا من ماء الوجه. ورغم أن الديوان الملكي السعودي أعلن أن الرئيس اليمني على عبد الله صالح وصل إلى السعودية للعلاج من الجروح التي أصابته إلا أنه اصطحب معه وفدا مرافقا يضم كثيرين من أقاربه وهو ما يؤكد أن رحيله لم يتم لتلقي العلاج وإنما تجاوز ذلك لحد القبول به كلاجئ سياسي، وهو ما اعتبره الثوار اليمنيون هروبا بعد مواجهات دامت لثلاثة أشهر بين صالح والثوار، ليكتسب لقب الرئيس المخلوع. مصير صالح هو نفس مصير الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي الذي رفضت فرنسا ساركوزي، الحليف السابق له استقباله، خوفا على تشويه صورتها “الديمقراطية” باستقبال رئيس هارب من غضب شعبه، في حين لم تمانع العربية السعودية في استقبال لرئيس سحب منه شعبه شرعيته بالقوة. ولم تتأخر السعودية أيضا في نجدة الرئيس المصري حسني مبارك حينما سقط نظامه الفاسد على رأسه، ولم تتخل الرياض عن الدكتاتور المصري حتى حينما تخلت عنه الإدارة الأمريكية التي خدمها وخدم حليفتها إسرائيل طيلة عقود حكمه، فأعلنت السعودية استعدادها لتقديم المساعدات المالية التي هددت الإدارة الأمريكية بسحبها من النظام المصري بعد أن أيقنت بقرب نهاية حكم مبارك وانتهاء صلاحيته. ورغم أن السعودية استقبلت بن علي وصالح ورحبت بمبارك إلا أن سيناريو استقبالها للرئيس السوري بشار الأسد والعقيد الليبي معمر القذافي مستبعد، ذلك أن الأسد يتمتع بعلاقات مع إيران التي تصنفها السعودية في خانة العدو رقم واحد وليس إسرائيل، أما القذافي فخلافاته الشخصية مع العاهل السعودي ستحول دون ترحيب الملك به، ومن المعروف وابل الشتم الذي كان يتلقاه العاهل السعودي من العقيد الليبي في أغلب القمم العربية.