صديقي موظف في بعض دوائر الدولة، وأنا أعلم بأنه يسرق، فهل يجب عليَّ الإبلاغ عنه، أم التستر عليه مع النصح؟ الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: أولاً: السرقة من الأموال العامة من مال الدولة في كلِّ مؤسساتها حرام شرعاً، لأن هذه الأموال من حقِّ المواطنين جميعاً. ويعتبر السارق من الأموال العامة سارقاً من جميع المواطنين. ثانياً: إذا كان السارق هو المستأمن على الأموال العامة، فذنبه أكبر وإثمه أخطر، لأنه من الخائنين، والخيانة من صفة المنافقين، كما جاء في الحديث الشريف: (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ) رواه البخاري ومسلم. أما المؤمن فهو الذي لا يعرف الخيانة حتى لمن خانه، وذلك للحديث الشريف: (أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي. ثالثاً: التستر على السارق حرام شرعاً، ويكون المُتستِّر شريكاً للسارق في الإثم، وفي الحديث الشريف: (مَنْ كَتَمَ غَالاً فَإِنَّهُ مِثْلُهُ) رواه أبو داود، والغلول هو السرقة من الغنائم قبل تقسيمها، والسرقة من الأموال العامة مثلها. وبناء على ذلك، فيجب عليك أن تنصح هذا الصديق، وأن تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وأن تستر عليه بشرط أن يردَّ ما سرقه. فإن تيقَّنت من صدق توبته وردِّه المال فيجب عليك ستره، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري ومسلم. وأما إذا بقي مصراً على السرقة، أو لم يردَّ المسروق، فيجب عليك أن تعلم أصحاب الشأن في ذلك لمحاسبة هذا المجرم المجترح لمحاسبته وكفِّ يده الخائنة. هذا، والله تعالى أعلم.