تعتبر العطلة الصيفية لدى الجزائريين موعدا مقدسا لا يمكن لأحد التفكير في الاستغناء عنه نتيجة عوامل مختلفة. وإن كان أغلبهم يجاهد من أجل توفير مبلغ من المال طوال العام فهناك من المحظوظين من يوفر له عمله عطلة مريحة في المخيمات العائلية، أما الوجهات فبين سواحل الجزائروتونس تتوزع أغلب رحلات الجزائريين. يفكر الكثير من الجزائريين في كيفية قضاء العطلة الصيفية بعد عام كامل من العمل والدراسة. فقضاء بعض الوقت بعيدا عن روتين البيت والمدرسة والعمل أصبح مطلبا ملحا لدى العديد من الأسر التي اتجهت نحو التفكير الجدي في ادخار جزء من المرتب طوال العام وصرفه خلال فصل الصيف حتى وإن لم تتجاوز مدة العطلة عشرة أيام المهم بالنسبة لهم هو الترويح عن النفس ولو لأيام معدودات. ويبقى المرتب الثنائي للزوجين هو الحل الوحيد الذي يمكن الأسر من التفكير في التوجه الى البحر سواء في الجزائر أو إلى الخارج. وستكون تونس ككل عام وجهة الجزائريين المفضلة لاعتبارات عديدة أولها اقتصادية، حيث يعتبر الكثير أن أسعارها في متناول الجميع على الوجهات السياحية في الجزائر التي، وعلى قلتها، تعرف ارتفاعا فاحشا في تقديم الخدمات السياحية لزبائنها، وقد كسبت تونس الرهان في هذا المجال باستقطاب عدد كبير من الأسر الجزائرية حيث لعبت على وتر انخفاض أسعار الخدمات السياحية وجودتها في الوقت نفسه وفضلت ترشيد النفقات طوال العام من أجل توفير مبلغ من المال يكفيهم لقضاء بعض الأيام بتونس. التقشف من أجل عطلة مريحة زاتفقت أنا وزوجتي أن ندخر مرتبها خلال العام من أجل قضاء عطلة مريحة في فصل الصيف فبعد اجتيازنا شهر رمضان والدخول المدرسي ومختلف المناسبات المكلفة الأخرى التي تزامنت مع بعضها البعض، يقول السيد محمد أستاذ ثانوي، قررنا توقيف احد المرتبين والاكتفاء بصرف مرتب واحد رغم انه بالكاد يغطي الضروريات، إلا انه لا يمكنني أن أفرط في العطلة الصيفية التي أهرب فيها من التعب والضغوط التي نعيشها يوميا بين البيت والمدرسة والمشاكل الأخرى. وعن وجهته ذكر الأستاذ ''محمد '' أنه لم يحدد بعد ذلك لكنه سيتنقل بين بعض الوكالات السياحية بالعاصمة لمعرفة الأسعار وسيستقر رأيه على مدينة معينة أو على دولة قريبة حسب الميزانية التي يملكها. وأضاف السيد محمد أنه قضى عطلته السنة الماضية رفقة زوجته وابنتيه في تونس في مدينة سوسة تحديدا، إلا أنه هذه السنة يود تغيير الوجهة نحو المغرب أو مصر وهو حاليا يقوم بدراسة العروض المقدمة من مختلف الوكالات السياحية. المخيمات حل للعائلات البسيطة أما السيدة لطيفة من باب الوادي فأكدت أنها لن تقدر على التوجه الى خارج الجزائر لقضاء العطلة الصيفية، لكنها لن تفرط في المخيمات الصيفية العائلية التي تقدمها الشركة التي تعمل بها رفقة زوجها حيث اعتبرت السيدة لطيفة أن المخيمات الصيفية هي حل للعائلات البسيطة التي لا تقدر على توفير مبالغ مالية لقضاء العطلة بعيدا عن روتين البيت والعمل، وهي فرصة ينتظرها الأطفال أيضا للخروج والابتعاد عن جو الدراسة. وتضيف السيدة لطيفة أن المخيمات العائلية التابعة للشركات الوطنية تقدم خدمات جيدة، كما أن هناك من الشركات من تقدم شاليهات مجانية للعمال على أن يتكفل المصطافون بتغطية نفقاتهم الاستهلاكية بأنفسهم. وتؤكد السيدة لطيفة أن ذلك يخضع لميزانية الشركة فالشركات الكبرى مثلا تمنح إجازات في الخارج لعمالها وعائلاتهم. ...وتبقى تونس الوجهة المفضلة سنويا أكد ممثل الوكالة السياحية ''محلو للسياحة والأسفار'' المتواجدة على مستوى شارع زيغود يوسف بالجزائر العاصمة، أن تونس تبقى الوجهة السياحية المفضلة للعائلات الجزائرية، نظرا لانخفاض أسعار الخدمات وجودتها مقارنة بما تقدمه المرافق السياحية الجزائرية، كما أن أغلبية السياح الأجانب الذين يقصدون الجزائر يتجهون نحو الجنوب الكبير. وأضاف السيد محلو أن عدم انتعاش قطاع السياحة الصيفية بالجزائر، يرجع إلى مجموعة من العوامل، أهمها عدم تكافؤ مستوى الخدمة المقدمة بالجزائر وتلك المقدمة ببعض البلدان التي تشكل الوجهة السياحية المفضلة للجزائريين كتونس، مصر، المغرب تركيا واليونان. وضرب السيد محلو مثالا على ذلك من خلال المقارنة التي أجراها بين الأسعار المعمول بها في تونسوالجزائر، حيث تفوق أسعار الخدمات بالجزائر مرتين أو ثلاث عن تلك المقدمة بتونس وهذا رغم أن الخدمة السياحية التونسية أفضل بكثير من نظيرتها الجزائرية، خاصة على مستوى الإطعام والإيواء، وهذا ما يجعل معدل مليون سائح جزائري يقصدون هذا البلد خلال موسم الاصطياف. وعبر ممثل الوكالة عن أسفه لعدم تشجيع القائمين على قطاع السياحة بالجزائر الاستثمار المحلي، كون أغلبية المشاريع المقدمة ذات حجم صغير، كما أرجع تأخر القطاع في الجزائر إلى عدم وجود المنشآت القاعدية الأساسية لاستقبال السياح حيث تفتقد الجزائر لمشاريع سياحية صغيرة تستقطب السياح محدودي الدخل والعائلات الجزائرية، بل أغلب المشاريع السياحية هي مركبات فخمة تتجاوز تكلفتها الكثير من الأسر الجزائرية الضخمة والمركبات السياحية، التي ليست في متناول جميع السياح لارتفاع أسعارها. وأشار مدير الوكالة الى ضرورة التدرج في الخدمة بالمرافق السياحية لاستقطاب جميع الفئات، بداية بالعائلات والشباب الجزائريين الذين يجب أن تقدم لهم خدمة في مستوى دخلهم حتى يقضوا عطلهم بالجزائر بدلا من الاتجاه نحو البلدان الأجنبية.