بيار أبي صعب: ”على الإعلامي أن يكون كالنادل في المطعم وفقط!” موسى بيدج: ”الإعلام الثقافي أصبح يناقض الأدب والأدب ابتعد عن الإعلام” تناول عدد من المختصين بالشأن الثقافي خاصة في شقه الإعلامي، أول أمس، واقع الإعلام الثقافي، في عدد من الدول، كالجزائر، لبنان، مصر، وإيران، من خلال الندوة الدولية الموسومة ب”الأدب والإعلام”، التي تدخل ضمن البرنامج الأدبي للمهرجان الدولي الرابع للأدب وكتاب الشباب المنعقد حاليا بالعاصمة. عرف اليوم الثالث من فعاليات هذا المهرجان، مشاركة نوعية، لكل من الإعلامي اللبناني بيار أبي صعب، الذي يشغل منصب رئيس القسم الثقافي في جريدة الأخبار اللبنانية، والإيراني موسى بيدج رئيس تحرير مجلة شيراز، والجزائري ياسين تملالي، حيث سلط المحاضرون الضوء على تجربة الإعلام الثقافي وما يكتب في الصفحات الثقافية، في بلدانهم وعدد من الدول المحيطة بهم، حيث أجمع هؤلاء على أنّ مشهد الإعلام الثقافي الحالي تراجع كثيراً إلى الوراء مقارنة بما كان عليه في السبعينيات والثمانينيات. وفي تدخله للحديث عن رؤيته لواقع الإعلام الثقافي، قال الكاتب الصحفي الجزائري ياسين تملالي إنّ أهم مشكلة يقع فيها الإعلام الثقافي اليوم، هو قلّة الاهتمام بالتخصص في فرع من فروع الثقافة والأدب، وعدم معرفة عدد كبير من الصحافيين الذين يشتغلون في الأقسام الثقافية، بالشأن الأدبي عموما مع قلّة الاهتمام بالشكل الأدبي في تقديم الأعمال الأدبية، مع الغياب الملحوظ للمساهمة الخاصة من العاملين في الحقل الأكاديمي من أساتذة جامعيين، ونقاد من المساهمة الجادّة في إثراء عدّة مواضيع متعلقة بالثقافة خاصة تلك التي تعنى بالفروع الأدب، كالقصة، والشعر، والرواية، ما خلق نوعا من الغياب شبه التام للنقد الأدبي البنّاء في الكتابات الثقافية وفي الإعلام الثقافي عموما. لم يختلف رأي الإعلامي البارز، المختص بالشأن الثقافي في الوطن العربي، بيار أبي صعب، عن رأي تملالي، فبحكم خبرته الطويلة في حقل الإعلام الثقافي في عدد من الدول العربية، واطلاعه المستمر على تجارب الآخرين استطاع أن يكوّن فكرة عن واقع الإعلام الثقافي. وقال بيار في هذا الصدد ”في حدود اطلاعي على مختلف التجارب الصحفية المختصة في الشأن الثقافي، في عدد من الدول العربية، يمكنني أن أقول إن المشاكل التي يعاني منها الإعلام الثقافي في الجزائر والعوارض التي تصيبه هي ذاتها التي يعاني منها أغلب الفاعلين في هذا الحقل، في عدد من الدول العربية وهو ما خلق حالة من الترهل الثقافي في هذه الأوطان”. كما نوّه المتحدث إلى أنّ الإعلام الثقافي في الوطن العربي كان في أوج عطائه في السبعينيات، وبعد هذه الفترة أصابه القحط والترهل، لهذا نجد أنّ الصحافة الثقافية اليوم لم تعد تلبي حاجة التغيير الذي يشهده العالم العربي اليوم، فالأغلب أصبح يكتب عن نفسه أو عن أصدقائه فقط، ما جعل الصحافة الثقافية تنغلق على نفسها، مما أتاح الفرصة لجيل الإعلام الرقمي الذي ظهر مؤخراً، وتفوق على الإعلام التقليدي بأشواط عديدة خاصة فيما يتعلق بمواكبته الآنية للأحداث المحيطة به، لهذا - يضيف بيار-، علينا أنّ نصعد إلى المرحلة التي وصل إليها هذا الإعلام اليوم، وأن لا نجعله يواصل تفوقه. وعن رأيه الشخصي فيما يكتب في أغلب الصفحات الثقافية في الوطن العربي، بمشرقه ومغربه، قال ضيف الجزائر إنّ أغلب ما يكتب من مقالات في الإعلام الثقافي، هي مقالات إيديولوجية مرتبط بالأنا الخاصة بالصحافي، مع أنه من المفترض أن تخلو المقالات الصحفية الخبرية من هذه الأنا. وأرجع بيار أسباب بروز هذه الظاهرة لكون أغلب العاملين في حقل الإعلام الثقافي، هم أدباء، وشعراء، وكتّاب قصة، ما جعل الظاهرة تنتشر أكثر وفي أكثر من وسط. واعتبر بيار أن الصحافي عليه أن يكون كالنادل في المطعم مهمته هو تلبية خدمة القارئ من خلال نقل الخبر بشكل حسن، دون أي رتوشات شخصية منه، وبهذا يمكننا أن نخلق قارئا جيدا، لأن الخدمة المعرفية في الإعلام الثقافي هي الأهم. بدوره تطرق الشاعر والمترجم والناشر الإيراني موسى بيدج، إلى واقع الإعلام الثقافي في إيران، الذي أكد على أنه يعاني بدوره من عدّة مشاكل شبيه بتلك التي يعيشها الإعلام الثقافي عندنا، سواء في الجزائر، أو مصر أو سوريا أو المغرب، وتونس، ولبنان، وغيرها من الدول العربية الأخرى، معتبرا أن أهم عامل ساعد على تفشي هذا الوضع هو طريقة تناول الأدب في الصحافة الثقافية هو الذي أثر على المشهد الإعلامي عموماً. كما توقف المتحدث عند نقطة مهمة وهي أنّ التحضير للصفحات الثقافية في المطبوعات عليه أن لا يكون بنفس الطريقة التي تحضر بها الصفحات السياسية والرياضية التي تتغير في كل لحظة، لأن الثقافة والأدب مرتبطين ارتباطا وثيقا بالتاريخ لهذا على العاملين في هذا الحقل إدراك هذه الأهمية الكبيرة التي تؤثر لا محالة على مشهد الإعلام الثقافي، لهذا يجب أن نعزل الثقافة العامة والصحافة اليومية عن مسألة الأدب، فليس علينا - يقول بيدج - أن نطلب من الصفحات الثقافية أن تكون بالسرعة التي تحضر بها الصفحات الرياضية والسياسية لهذا وجب عزل الثقافة العامة والصحافة اليومية عن مسألة الأدب، فالإعلام والأدب يؤخذان من زاويتين ونقيضين مختلفين، لهذا يمكننا أن نقول إن الإعلام الثقافي اليوم أصبح يناقض الأدب والأدب ابتعد عن الإعلام لأن الإعلام يأتي من منطلق الفعل اليومي فيما يأتي الأدب من منطلق تاريخي. وعرف اللقاء تدخلات قيّمة من عدد من الفاعلين في المشهد قدموا ملاحظات وشهادات عن واقع الإعلام الثقافي كل من الزاوية التي يراها.