بلمسة من أناملها تحوّل الخيوط العادية إلى لوازم وإكسسوارات أنيقة، تضفي على المنازل جمالا ورونقا وكأنها معرض للتحف الفنية، كما تزيد من أناقة المرأة وتحوّلها إلى ملكة جمال بفضل تقنيات بسيطة. هي دليلة التي وهبت كل حياتها وطاقتها الفنية في سبيل تطوير موهبتها. حبها للجمال جعلها تسعى إلى ابتكار كل ما يجعل أي امرأة ملكة جمال في عرشها. دليلة المتواضعة بطبيعتها، إلا أنها جريئة وطموحة في تصاميمها وإبداعاتها، التي فاقت الحدود، حيث استعملت حرفة “المكرمي” في كل مستلزمات الحياة، وجعلت منها المجال الذي يمكّنها من إطلاق العنان لأفكارها الخلاّقة، ليتحوّل “المكرمي” إلى أحسن وسيلة تمكّنها من التعبير عن نفسها. وعن هذه الحرفة فهي صناعة تقليدية ظهرت منذ آلاف السنن، حيث كانت تستعمل لصناعة شباك الصيد، ثم طوّرت لتصبح صناعة تزيينية. رحلة الإبداع من القماش إلى الخيط بدأت حكايتها مع الجمال والأناقة منذ أن امتلكت أول دمية، فكانت تسعى في كل مرة إلى أن تفصّل لها ثياب جميلة على مقاسها باستعمال بقايا القماش الصغيرة، فهي تعشق كل ما يحول امرأة عادية إلى فاتنة. أول إبداعاتها كانت في العاشرة من عمرها، عندما نزعت ستار الغرفة وحولته إلى طقم، لتتمكّن من حضور حفل زفاف به. بعد أن بلغت الخامسة عشر من عمرها عمدت إلى تعلّم الخياطة، لتتحصّل على شهادة في الاختصاص، ولكنها لطالما أرادت أن تكمل طلّة المرأة بالتمكّن من صنع الحقائب اليدوية، حيث وجدت نفسها أمام عالم جديد وتقنيات أخرى تعرف باسم “المكرمي” عملت على التعرف على مختلف تقنياته، وأول احتكاك لها مع إبداعات عالم الخيوط كان عندما حاولت أن تصنع حقيبة صغيرة لثوب السهرة الذي جهّزته لأختها الصغيرة، فعرفت أن هذه الحرفة تدعى “المكرمي” فتابعت تكوينا في هذا التخصص في العاصمة، لتكون تأشيرة دخولها إلى عالم الاحترافية والتميز، بدليل أن منتجاتها أصبحت مطلوبة بكثرة في المنطقة. بعدما برعت دليلة في مجال “المكرمي”، عكفت على تعليم حرفتها إلى فتيات أخريات، حيث بدأت تقدم الدورات التكوينية للفتيات على مستوى مركز التكوين المهني لبلدية بني عمران بولاية بومرداس، الأمر الذي ساعدها على نشر موهبتها وخبرتها لتستفيد منها الأخريات. “المكرمي” يحتاج إلى الخيط وحس إبداعي وعن هذه الحرفة المميزة تقول دليلة إنها جد بسيطة ولا تحتاج إلا للتركيز، فهي تعتمد على اليد دون استعمال أي أداة أخرى، كما يعتبر الخيط المادة الأولية للحصول على عدة تصاميم، والذي يعرف بخيط البناء وهو متوفر بعدة أحجام وألوان، التي تختلف باختلاف ذوق صاحبته، بالإضافة إلى بعض الإكسسوارات الضرورية، ناهيك عن الغرزات المستعملة والتي يتم اختيارها حسب ذوق المرأة وكذا حسب الأشياء المراد عملها. وتضيف دليلة أنه باستعمال “المكرمي” يمكن الحصول على حقائب يد للسيدات، سلة الأزهار، سلة الثريا، ستار نافذة، وسادة، حامل المحبس، معلاق الطبخ وحافظة الهاتف النقال والتي تحظى بإقبال واسع من طرف الزبائن خاصة الفتيات والنساء. كما شاركت في العديد من المعارض والتظاهرات الوطنية وحازت على عدة جوائز، وذلك من خلال تعليمها لهذه الحرفة المميزة في مركز التكوين المهني، كما سهرت على تكوين عدة حرفيات في هذا المجال، واستضيفت في العديد من المرات في استوديوهات التلفزة الجزائرية من أجل التعريف بمهنتها وذلك في بدايتها، ورغم أشواط النجاح التي اجتازتها، إلا أنها تسعى دائما إلى تعلم حرف ومهن جديدة مثل الرسم على الزجاج، غير أن من بين أهم العوائق التي تعرقل العملية الإبداعية عند دليلة، ندرة الخيطان وارتفاع أسعارها، الأمر الذي يحد من إنتاجها لهذه الصناعة التجميلية، ويجعل من أسعار بيعها جد غالية. وأغلى الأمنيات التي تتمناها دليلة هي أن تجسد مشروع فتح ورشتها الخاصة لتتمكّن من ترقية الحرفة وتطويرها.