المصريون يستعملون خلال شهر رمضان غالبا جملة "رمضان كريم"، التي لها معنيان بصفة عامة: المعنى الأول مرتبط بالكرم الإلهي الذي يغمر المصريين والمسلمين في هذا الشهر، بحيث تغفر الذنوب وتكفر الخطايا، والمعنى الثاني يتعلق ب"المائدة المصرية" التي تمتلئ بكافة أنواع المأكولات، كل حسب طاقته الشرائية. وتحاول العائلات المصرية في هذا الصدد أن تخزن ما تأكله لمدة أسبوع تقريبا، حتى ينعم الجميع ببركات هذا الشهر العظيم إن على مستوى الروح أو على مستوى "المعدة"، ونتيجة لذلك تعرف الأسواق المصرية إقبالا كبيرا من طرف المواطنين، الذين يسعون إلى شراء المواد العادية التي تستهلك في رمضان، إلى جانب شراء المواد الأخرى التي تعد بها أصناف الأكل الخاصة بالشهر الكريم، مثل البلح والتمر، والياميش وقمر الدين.. والإفطار في اليوم الأول من رمضان، تجتمع العائلة الموزعة على مختلف المناطق أو المدن في مصر في منزل الأسرة الأم - ضرورة - للإفطار جماعة، والإبقاء على خاصية التجمع العائلي داخل الشهر المعظم. وبعد الأذان مباشرة يشرب عصير "قمر الدين"، أو مشروع "خُشَافُ رمضان" وهذا المشروب الأخير، عبارة عن خليط مكون من تمر وزبيب وتين وبلح، مغلي في الحليب يقدم كمشروب لإنهاء يوم كامل من الصيام. بعد ذلك يؤدي الجميع صلاة المغرب، ليعودوا مباشرة إلى المائدة حيث تنتظرهم وجبة دسمة كاملة، تجمع بين مكونات فطور وغداء في الأيام العادية، ذلك أنك تجد جميع أصناف الأكل موضوعة على المائدة، من لحم وسمك وخضر وغير ذلك من المأكولات التي لا تتناول عادة إلا في وجبتي الغداء والعشاء. وبصفة عامة، لا توجد هناك أصناف خاصة برمضان على مستوى الأكلات الدسمة، لكن بالنسبة للحلويات هناك أنواع خاصة بالشهر الفضيل مثل "الكنافة" التي تعد من الأطباق الشهية التي تعد في رمضان، بحيث تجد فرنا خاصا في كل شارع تقريبا توضع فيه "المادة الخام" لصنع الكنافة على شكل خطوط دائرية فوق صفيحته الحديدية، حيث تنضج الكنافة على نار هادئة، وتصبح منتوجا ذا مذاق حلو قابل للاستهلاك. وإلى جانب الكنافة، هناك "البسبوسة"، وهناك بعض الحلويات الأخرى المميزة لشهر رمضان الكريم في مصر. بالرغم من أن صلاة التراويح في مصر أصبحت ظاهرة عادية أن ترى جميع المساجد عامرة بالمصلين حتى يخرج العشرات إلى الشوارع للصلاة، إلا أن مسجد عمرو بن العاص أكبر وأول مسجد بني في مصر يظل أكثر المساجد حظًا في عدد المصلين والذين يصل عددهم ليلة القدر، ليلة السابع والعشرين من رمضان، إلى ما يقرب من نصف مليون مسلم من مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية، بل إن الكثيرين منهم من خارج مدينة القاهرة أتوا من المحافظات أو من أبناء الدول العربية والإسلامية حرصوا على صلاة التراويح، ويكون المشهد رائعًا عندما يمتلئ المسجد عن آخره، وتمتلئ الشوارع والأزقة والميادين المحيطة بالمسجد في تظاهرة جميلة أثناء تأدية إحدى شعائر المسلمين.. الجميع فيها ينتظر رحمة من ربه، وتجاوزًا عن سيئاته ونصرًا لأمته.