الحكام العرب الذين تنتفض ضدهم الشعوب هذه الأيام وضعهم يثير الشفقة! هل يعقل مثلا أن تصبح الدول الاستعمارية التي كان الحكام يحذرون الشعوب منها هي المنقذ الأساسي لهذه الشعوب من بطش هؤلاء الحكام؟! هل الشعوب العربية ابتلاها اللّه بحكام أسوأ من الاستعمار القديم الذي ثارت ضده؟! وأصبحت هذه الشعوب تفضل عودة الاستعمار لتشكو له ما فعل بها الاستقلال؟! الحكام العرب يقولون: إن الثوارات العربية التي تحدث هذه الأيام ضد الحكام هي من صنع الاستعمار الجديد؟! وهذه في حد ذاتها كارثة للحكام لو كانوا يعقلون! فهل يشرف الحكام الوضع الذي وصلوا إليه مع شعوبهم بحيث أصبح الاستعمار في نظر الشعوب أفضل من حكم هؤلاء الحكام؟! عندما رمى الشباب بنفسه في البحر هربا من "جنة" حكم هؤلاء الحكام.. لم يستخلص الحكام الدرس من القضية.. واعتبروها طيش شباب.. وواصلوا ظلمهم لشعوبهم إلى أن حدث ما حدث في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا..! ألا يدفعنا ما حدث لأن نفكر بجدية في وضعنا.. وكيف أصبحت الجمهوريات الوراثية أسوأ حالا من الملكيات والإمارات الوراثية؟! هل من الصدفة أن البلدان التي حدث فيها ما حدث من أحداث عرفت الحديث وبعنف عن الوراثة والتوريث؟! أليس من العار على هذه الجمهوريات الوراثية أن يحدث فيها ما يحدث بسبب حكاية التوريث؟! من هي الدول (الرجعية) الملكيات السلالية العربية أم الجمهوريات الملكية؟! ثم ما قيمة هذه الشعوب سياسيا إذا كان من يحررها من حكامها الظلمة هو الاستعمار التقليدي.. والرجعية التقليدية؟! أليس من العار أن تسمى هذه الشعوب انتفاضتها ضد حكام السوء بقيادة وتحت وصاية وبتدعيم من الرجعية والاستعمار.. أن تسمي هذا ثورة شعبية واحدة بتحرير الشعوب؟! هل الرجعية والاستعمار الجديد يمكن أن يحرر الشعوب؟! ماذا يعني تحطيم الحكام لبلدانهم على رأس شعوبهم تمسكا بالحكم؟! وماذا يعني أن يفضل الشعب استعمار الأمس على حاكم اليوم.. على فرض أن ما يقوله الحكام من أن الأمر هو عودة الاستعمار إلى هذه البلدان؟! ماذا سيستفيد البلد والشعب إذا تم استبدال عملاء وظلمة بعملاء وظلمة جدد ما دام من يمسك بخيوط اللعبة في الحالتين هو واحد؟! نعم عندما يصبح الناطو والأمم المتحدة ومجلس الأمن أمل الشعوب في التحرر لابد من إعدام الحكام.. كل الحكام؟!