اقتراب الدخول المدرسي يضع الأولياء في موقف حرج، مع تزايد الإلحاح والطلب، من طرف الأطفال على الأنواع المختلفة من المآزر والمحافظ المدرسية، حيث يجدون أنفسهم بين مطرقة ارتفاع الأسعار وسندان الحصول على أدوات متينة يمكن أن تحارب عام كامل من جهة وان تكون جذابة ترضي أطفالهم من جهة أخرى. المحافظ والأدوات المدرسية تصنع الحدث في الأيام الأخيرة، حيث أصبحت التجارة الرائجة في أسواقنا الشعبية وعند بائعي الأرصفة وفي المتاجر، أياما قبل الدخول المدرسي، وأمام موجة السلع القادمة من شرق جنوب آسيا واكتساحها لسوق الأدوات المدرسية، لم يعد للمواطن الجزائري خيارا، غير اقتنائها، رغم ما عليها وما لها خاصة مع الانعدام شبه الكلي للسلع المدرسية الأوروبية المعروفة بجودتها العالية والفقر المحسوس للمنتج المحلي في هذه السوق التي تعرف تراجعا في نوعية المحافظ والأدوات المدرسية . أسعار مرتفعة للمحافظ في غياب الجودة والمتانة يشتكي متتبعي حركة سوق المستلزمات المدرسية من مستوردين وتجار جملة، وحتى الأولياء من غياب الجودة والمتانة في محافظ أصبحت مشكلا يضاف لقائمة المشاكل اليومية للمواطن البسيط الذي احتار بين مطرقة الجودة و سندان الثمن، إلا أن الملاحظ هو أن حمى ارتفاع الأسعار هذه السنة طالت كذلك محافظ الأطفال، لتتراوح في المتوسط مابين 500دج و700دج، إلا أنها تتجاوز حد 2000 دج في بعض المحلات والأسواق الراقية والمعيار بالطبع ليس الجودة، فالنوعية و الماركة واحدة في مجمل السوق الجزائرية، إلا أن رقي المتجر والحي المتواجد به هو المؤشر لسعر المحفظة، أما محددات الأولياء والمبتاعين في الاختيار، فتتعدد من عائلة لأخرى، وفي هذا الإطار تقول السيدة ‘زهراء .ب'، أم لخمسة أطفال متمدرسين، “من له أربع أبناء أو خمسة ليس له هامش واسع للاختيار، فالسعر المقبول المتماشي مع ميزانية العائلة و المدخول الشهري هو العامل الأول في الاقتناء، فلا مفر من محافظ “تايوان” ، بينما يرى السيد حسين.ز، الذي التقيناه بأحد متاجر أول ماي” “الجودة في رأيي، هي المطلب الأول للعائلة الجزائرية، فاقتناء محفظة ب400دينار وتتقطع بعد فصل دراسي واحد، ثم محفظة ثانية وثالثة في السنة الواحدة يخلص لمبلغ أكبر من المحفظة ذات الجودة العالية”، إلا أن السيدة “سمية .د” تجنبت شرائها، فمحافظ ال500دينار هي من نفس نوعية محافظ 1000دج إلا أن الاختلاف في بعض تفاصيل التصميم، رغم محاولة البائعين إقناعنا باختلاف نوعية المادة ،إلا أن بعض الأسواق مغشوشة، فكل المحافظ أصبحت تشبه بعضها البعض. وتخوف من السلع المدرسية المغشوشة لكن ما أضحى يثير قلق الأسر بشكل أكبر هو خوفها من السلع المدرسية وحتى الملابس الجديدة التي يطالب بها الأبناء، التي يكون مصدرها الأول في الغالب دول جنوب شرق آسيا والصين، لوازم عبر لنا عديد الآباء أنها قد تكون، غير صالحة البتة أو حتى أن مدة استعمالها جد قصيرة ولا تتعدى بضعة أيام أو أسابيع، وذلك في أحسن الأحوال، نفس الشيء بالنسبة للسيدة “نسرين” والتي التقينا بها إلى جانب أحد المحلات لبيع اللوازم المدرسية والمحافظ والتي قالت لنا “بأنها متأكدة بأن المحافظ التي ستحاول شراءها من هنا ليست بأجود من التي اشترتها العام الماضي”، حيث أنها تتمزق بسرعة وهذا لهشاشتها، بالإضافة إلى عدم جودة صنعها، مضيفة بأن ما يسرع من فرص الأبناء في الحصول على محافظ جديدة بعد أقل من ثلاثة أشهر على الدخول المدرسي، كما كان حال أبني العام الماضي هو العدد الكبير للكتب والكراريس التي يجب أن يحملها معه والتي تتجاوز طاقته وطاقة أي محفظة من الحجم الذي يقدر على حمله، خصوصا مع أن الأطفال لا يحافظون على أدواتهم المدرسية بشكل جيد ، ومع ذلك تشتريها لأنه ما باليد حيلة والميزانية تتحكم في زمام الأمور”. أما جارتها فقالت لنا “بأنها لن تتجرأ هذه المرة على شراء أي لوازم مدرسية من المنتجات الصينية و”تايوانية” وأضافت “هي منتجات أثبتت بأنها لا تصلح لوظائفها التي صنعت من أجلها، برغم أسعارها المتدنية وقالت “لي يعجبك رخسو أرمي نصو”، مشيرة بأنه بالرغم من كون أسعارها تتراوح بين 500 -800 إلى 1200 دينار، إلا أنني أفضل زيادة مبلغ إضافي لهذا الثمن وأشتري حقيبة جيدة لأبنائي ، أما بشأن باقي اللوازم الدراسية فقالت حتى بشأن المآزر وباقي الأدوات فنحن نعاني من هذه المنتجات والتي تعتبر مقلدة على ماركات عالمية كبرى. التصاميم الجذابة مطلوبة من طرف الأطفال من جهتهم ينجذب الأطفال للألوان الساحرة ورسوم أبطال المغامرة التي تفننت الأيادي الصينية في تشكيلها، وتجدهم كثيرا ما يصرون على اقتنائها ويدخلون في “جدال” كبير مع أوليائهم، كما تستهويهم التصميمات الجذابة والأدوات الملونة والتي بطبيعة الحال ترتفع أسعارها عن العادية منها ، ما يضع الأولياء أمام أعباء جديدة إهمالها ينتقص من فرحة الدخول المدرسي، لدى أطفالهم ومسايرتها تجلب مصروف إضافي هذا ما ذهب إليه السيد كريم الذي قال “مسطرة عادية ب20دج ومسطرة ملون وجذابة يصل سعرها إلى 70 دج ، والأطفال يتنافسون فيما بينهم من اجل شراء أجمل التصاميم ونحن ندفع الثمن” . من جهة أخرى أكد “عبد الناصر” وهو شاب وجدناه يبيع اللوازم المدرسية في “ ماشي ثناش” أن الزبائن يقبلون عليه بقوة خصوصا مع قرب الدخول المدرسي بأيام فقط وأكد لنا بأنه بالرغم من تلميح العديدين إلى أن هذه السلع سريعة التلف والاهتراء إلا أنهم يأتون لشرائها من عندنا فما بيدهم حيلة فالماركات الأصلية للوازم المدرسية كالحقائب باهظة الثمن وليست في مستطاع الجميع لذا فنحن نقدم لهم سلعا بمقدورنا. إن هذا الواقع يؤكد أن الرقابة على الأسواق لا تزال بعيدة عن التطبيق، وبالرغم من مرور سنوات على موضة السلع المقلدة التي كانت ولا تزال تغرق السوق فإن الضحية الأكبر لها لايزال الطفل المتمدرس.