غياب كلي لنشاط سيارات الأجرة بعدة بلديات يطرح مشكل القلة الفادحة في سيارات الأجرة ببلديات العاصمة بحدة على غرار الدرارية، العاشور، الشراقة، بني مسوس وغيرها، حيث يعاني العاصميون الكثير بسبب قلة هذا النوع من وسائل النقل، رغم مدى أهميته في كسب عاملي الوقت والراحة لدى الزبون، ما يجعله رهينة وسائل النقل الخاصة التي يفرض أصحابها منطق الغاب، فيما يفضل غالبية سكان تلك المناطق بحكم إمكانياتهم الاعتماد على سيارات “الكلونديستان” كونها البديل الوحيد. في زيارة ميدانية قادت “ الفجر” إلى عدة نقاط عبر عدد من أحياء بلديات العاصمة، وقفنا على الندرة الفادحة في سيارات الأجرة، كما أن سيارات النقل الجماعي المعروفة لدى العامة ب”الكوليكتيف” غير متواجدة تماما، والأخطر من هذا أن السكان لا يتوفرون حتى على البدليل الذي يغنيهم عن الإعتماد على “الكلوندستان” ويرفع الغبن عنهم، خصوصا وأنهم محرومون من خدمات الترامواي ، على إعتبار أن تلك الوسيلة العصرية التي من شانها أنه تخفف عنهم المعاناة شملت سكان الجهة الشرقية فقط من العاصمة، في حين حرم منها آلاف السكان بالجهة الغربية دون أدنى مبرر من الهيئات الوصية التي لم تأخذ معاناتهم في الحسبان. ومما سيزيد من تأزم الوضع أن أكبر عمليات الترحيل التي باشرتها ولاية الجزائر، منذ أزيد من سنة، كانت باتجاه الجهة الغربية للعاصمة، ومقابل ذلك نسجل معضلة حقيقية في وسائل النقل بشكل عام وهاجسا يطارد السكان عجزت الوصاية بشكل عام عن إيجاد حل له. سيارة أجرة بالدرارية خيط دخان و300 دينار للوصول إلى وسط العاصمة انطلاق جولتنا الاستطلاعية كان من بلدية الدرارية التي تتوفر على عدد محدود فقط من وسائل النقل الخاص باتجاه بلدية بن عكنون، والعشرات من المسافرين يتشاجرون وغالبا ما تتطور إلى تشابك بالأيدي، ناهيك عن المناوشات الكلامية ما بينهم وبين سائقي سيارات الأجرة التي تنشب يوميا دون انقطاع، والسبب في ذلك الممارسات المشينة التي يلجأ إليها أصحاب النقل الخاص الذين يفرضون منطقهم دون أدنى احترام. وأرجع عدد من المسافرين ممن اقتربت منهم “الفجر” تلك الممارسات إلى كون السائقين على يقين تام بأن المسافرين لا يملكون البديل، وبالتالي يضطرون رغم كل شيء إلى التنقل على متن تلك الحافلات، أعابوا وزارة النقل التي لم تفكر حسبهم في معاناتهم التي تمتد إلى عدة سنوات ولم تجد لهم حلولا لرفع الغبن عنهم. وتساءل محدثونا عن حرمانهم من خدمات سيارات النقل الجماعي التي يقتصر نشاطها بوسط العاصمة لا غير، والأمر غير العادي يكمن في أن ظهور سيارة أجرة عادية بأحياء الدرارية يتطلب انتظار قدومها ساعتين، وإن حدث وصادفتها فإن الزبون مطالبا بدفع نفس التسعيرة المحددة من قبل سائقي “الكلونديستان” حتى قبل أن يستفسر السائق عن الوجهة التي يقصدها، وغالبا ما تنشب مناوشات كلامية بين الزبون والسائق، حيث يتهمونهم بالسرقة والابتزاز، باستثناء عدد جد محدود من النزهاء الذين يطبقون التسعيرة العادية التي يحددها العداد. غالبية سكان الشراقة تناسوا التنقل بالطاكسي هو نفس الواقع الذي تشهده بلدية الشراقة التي عرفت هي الأخرى توسعا عمرانيا مذهلا خلال السنوات الأخيرة، ولكن ذلك لم يشفع بتاتا في تدعيم خطوط النقل بها، حيث لا يزال السكان يعتمدون فقط على وسائل النقل المتواجدة بالمحطة الوحيدة بوسط الشراقة، كما أن السكان الذين يكونون في عجالة من أمرهم يضطرون التنقل على متن سيارات “الكلونديستان”، ويدفعون تسعيرات خيالية تفوق غالبية الأحيان إمكانياتهم، ورغم هذا الوضع المفروض عليهم، إلا أنهم لا يملكون الخيار، كونهم لو تنقلوا على متن سيارة النقل العادية يضيع جل وقتهم بالأرصفة وهو الوضع الذي قال عنه السكان أنهم في غنى عنهم، الأمر الذي جعلهم يعزفون عن التنقل على متن سيارات الأجرة. ولا يختلف الوضع ببلدية بني مسوس، حيث يعتمد السكان القاطنين في مختلف الاحياء على حافلات النقل الخاص، حيث لا أثر لوسائل النقل العام وعدد جد محدود من سيارات الاجرة التي تلمحها بين الفينة والأخرى. وحسب بعض سكان بلدية بني مسوس في حديثهم إلى “الفجر”، فإن من يسعفه الحظ يصادف مرور سيارة أجرة عادية بالجوار، وهو الوضع الذي شجع العديد بامتهان حرفة “الكلوندستان” بعد دوامه الرسمي مقابل مبالغ مالية عادة ما تكون جد مرتفعة، ولكن السكان مجبرون على تسديدها، خاصة ممن يضطرون إلى نقل مرضاهم إلى المستشفيات أو لقضاء مصالحهم التي لا تنتظر التأجيل، وحسب ما قاله السكان فإن سكان الجهة الشرقية أوفر حظا منهم بدليل توفرهم على الترامواي الذي أضحى من الوسائل المتطورة التي تكسبهم الوقت وتغنيهم من الوقوع في معضلة الازدحام. اللجنة الوطنية لسائقي سيارات الأجرة يحمل وزارة النقل المسؤولية من جهته حمل رئيس اللجنة الوطنية لسائقي سيارات الأجرة، السيد حسين آيت إبراهيم، كلا من مديرية النقل بالعاصمة ووزارة النقل، مسؤولية الوضع، لأنها كما قال لم تفتح قط باب التشاور من أجل وضع مخطط منظم لممارسة نشاط سيارات الأجرة على مستوى العاصمة، والذي من شأنه أن يضع حدا لحالة الفوضى، مضيفا بان العاصمة بشكل عام توسعت بصفة كبيرة خلال السنوات الماضية، الأمر الذي يتطلب حسبه مواكبة هذا التوسع، فيما يخص نشاط سيارات الاجرة بهدف ضبط التوازن. وحسب ذات المتحدث يستحيل على سائقي سيارات الاجرة الإعتماد على ما يحدده العداد، خاصة إذا كانت المسافة طويلة، مشيرا إلى ان التسعيرة لم تتغير منذ سنة 2001، ما يجعلهم يضاعفون ثمن الرحلة لتحقيق هامش ربح أكبر، مبديا عدم رضاه على هذا السلوك المعتمد من قبل العديد من سائقي سيارات الأجرة، حيث خص بالذكر البعض من الشباب الذين حصلوا على دفتر المقاعد من قبل مديرية النقل، وهم في الأصل سائقي “الكلونديستان”، واستمروا في نشاطهم تحت غطاء سيارات الأجرة وهم في حقيقية الأمر يطبقون التسعيرة التي اعتادوا عليها سلفا، وفي تقدير محدثنا الحل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو الاعتماد على ما أسماه بالطاكسي البلدي، من خلال تحديد وجهات سيارات الأجرة عبر البلديات. ومديرية النقل تؤكد أن الإبتزازات لن تتوقف دون بلاغات وفي نفس السياق أكد مصدر من مديرية النقل بان السلوكات التي يقوم بها هؤلاء السائقين غير قانونية تماما، وأعاب على الزبائن عدم إبلاغهم عن الإبتزاز، مؤكدا أنه يتعين على سائقي سيارات الأجرة تحديد سعر الرحلة وفقا لما يضبطه العداد لا غير، وفي نظره لا بد من التقدم إلى مصلحة مديرية النقل وتقديم بلاغاتهم ضد المتجاوزين لتتخذ ضدهم إجراءات ردعية، قد تصل إلى حد إدخال السيارة إلى المحشر لمدة 45 يوما، وأضاف مصدرنا بأنه سبق وأن تم إحالة عددا من السيارات إلى المحشر بفعل التجاوزات التي يتم تسجيلها، وهو الإجراء الذي من شانه أن يحد من ظاهرة الإبتزاز. وذكر مصدرنا في إجابته على سؤال “الفجر” بخصوص القلة الفادحة المسجلة في سيارات الأجرة العادية بالبلديات التي أخذناها كعينة، أن العديد من سائقي سيارات الأجرة يفضلون العمل على خطوط محددة دون غيرها، مضيفا في سياق ذي صلة بان 2500 سيارات جديدة دخلت الخدمة خلال العام الجاري، في إنتظار دخول السائقين الذين لا يزالوا يقومون بالتربص للحصول على دفتر المقاعد لضمان الرحلات بمختلف الإتجاهات. تجدر الإشارة إلى أنه حسب الإحصائيات مصالح ولاية الجزائر المتعلقة بعدد سيارات الأجرة التي تنشط بالعداد، فإنه تتواجد 10679 سيارة أجرة فردية، في حين لا تزال 679 سيارات أجرة جماعية تنشط في المجال ذاته والتي تم تقليص عددها الذي أضحى يقتصر على عدد محدود من البلديات على غرار ساحة أول ماي، ساحة الشهداء، الأبيار، باب الوادي، لأنه كان يعول على الإستفادة من خدمات الترامواي الذي تم تشغيله منذ أشهر، في حين بلغ عدد سيارات الأجرة الجماعية ما بين الولايات 974 سيارة، وعدد شركات راديو طاكسي 6، فيما وصلت حظيرة السيارات هذه الشركات 143، إضافة إلى 14 محطة توقف لسيارات الأجرة.