أوضح الخبير الاقتصادي أحمين شفير أن الأزمة الاقتصادية في منطقة الأورو، أزمة معولمة مست تقريبا كل بلدان العالم في آن واحد وفي فترة وجيزة، إذ يعرف العالم أزمة متعددة الأوجه منذ أوت 2007، وهي ذات خصائص متعددة ومختلفة، فقد كانت أزمة مالية، ثم تحولت إلى أزمة اقتصادية، وقد سبقتها أزمة غذائية في 2005 -2006، وتلتها أزمات متكررة للموارد الأولية المتعلقة بسعر الطاقة بشكل عام، وظهرت كذلك أزمة إيكولوجية. وأكد أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر 3 في حوار لموقع الإذاعة الجزائرية أن الأزمة الاقتصادية في منطقة الأورو سوف تعيد النظر في الجيو-استراتيجية العالمية، وفي إعادة ترتيب شؤون العالم، خاصة وأن الأزمة الاقتصادية في منطقة الأورو زادت من هشاشة الاقتصاد الأمريكي، حيث تراجع مع صعود الصين والهند والبلدان الصناعية الجديدة كالبرازيل وكوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا، ونجم عن الأزمة تهميشا للبلدان الضعيفة، لا سيما الإفريقية منها. وإزاء هذا الوضع نجد أن أمريكا ليست مستعدة للتخلي عن هيمنتها ورياديتها للاقتصاد العالمي، إذ تسيطر خاصة على مصادر الطاقة ومنها البترول وتعمل الولاياتالأمريكية للحد من صعود الصين التي تفتقد لمصادر الطاقة. وعليه، فإن استراتيجية أمريكا هي منع أي قوة منافسة يمكن أن تشكل خطرا عليها حتى ولو كانت قوة صديقة. وفيما يتعلق بتداعيات الأزمة وتأثيرها على بلدان العالم وبما فيها البلدان العربية والجزائر، أوضح الخبير أن النظرية الاقتصادية تؤكد على أن مدة انتقال الأزمة محدد بسنتين، ويتم الانتقال عبر قناتي المالية والتجارية، وتأثير الأزمة على بلدان العالم مرتبط بدرجة الاندماج وانخراط البلد، إذ تعرف انعكاسا في أسواقها المالية، ذلك ما حدث لبلدان الخليج، أما الانخراط التجاري من ناحية التصدير والاستيراد مثلما هو الحال بالنسبة للجزائر وعدد من الدول النامية لمادة أو أكثر فقد تأثرت بشكل كبير جراء أزمة منطقة الأورو نتيجة انخفاض الطلب لبعض المواد كالطاقة والمواد الأولية التي تصدرها هذه البلدان. وأشار الخبير إلى أن أزمة منطقة الأورو هي امتداد للأزمة العالمية التي انفجرت في أوت 2007، وقد اعتمدت الدول المتطورة مخططات للإنقاذ بعد الخسائر الناتجة عنها ولم تنجح في سدها، رغم أنها ضخت السيولة النقدية للشركات الكبرى متعددة الجنسيات، والأزمة ستعيد الظهور في غضون الأشهر أو السنوات المقبلة وبشكل أخطر، كما أن القطاع المالي هو المتسبب في الأزمة والمؤسسات الكبرى التي زودت بالأموال لم تتجه لدعم القدرة الشرائية للفئات الواسعة من شعوب البلدان المتطورة حسب الخبير. وبخصوص تأكيد المستشارة الألمانية، إنجيلا ميركل، بأنه لا يمكن لأي بلد أن ينسحب من منطقة الأورو، لأن ذلك ستكون له آثار خطيرة، قال نفس الخبير إن جل الاقتصاديين يعتبرون أن الاقتصاد الألماني هو الذي سيتحمل أزمة منطقة الأورو، ولو افترضنا انسحاب ألمانيا من هذه المنطقة فسيؤدي ذلك إلى ارتفاع العملة الألمانية، وبالتالي إلى نقص في صادراتها وتضطر إلى بيع منتجاتها بأسعارها الداخلية، ما يؤدي إلى عزوف من طرف الدول الأخرى، وفي حال عدم انسحاب أي بلد تبقى هذه البلدان تتحمل عجز البلدان الأخرى مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا وحتى إيطاليا.