أكد أمس رئيس المجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري، خلال اليوميين الدراسيين اللذين يُنظمهما المجلس بالتعاون مع وزارة المساهمة وترقية الاستثمارات، أن أثر الأزمة المالية على البلدان المصنعة التي نتبادل معها الجزء الأكبر من تجارتنا الدولية سيلحق أضرارا بصادراتنا ويترتب عن ذلك خطر تمويل برامجنا الحالية ومشاريعنا المستقبلية، في سياق متصل دعا العديد من الخبراء الوطنيين والأجانب المشاركين إلى ضرورة وضع استراتيجية وقائية لمواجهة الأزمات. وأورد زياري خلال كلمته الافتتاحية لهذين اليوميين الدراسيين حول "دور الدول وتدخلها في الاقتصاديات الوطنية" واللذين احتضنتهما "إقامة جنان الميثاق" وحضرهما الاتحاد العام للعمال الجزائريين وممثلي "الباترونا"، أن العالم يتسم اليوم بشمولية كبيرة وعولمة واسعة الانتشار وتشابك المصالح بين جميع الأمم، ما يجعل الحديث من الناحية الاقتصادية عن أقاليم مكتفية ذاتيا بمعزل عن العالم غير ممكن تماما، ومنه فإن حدوث أي أزمة حتى ولو كانت بعيدة إلا أنها "تصل إلى ضفافنا بشكل أو بآخر" واعتبر الجزائر وإن لم تتضرر من الأزمة المالية الحالية بالنظر لما أسماه "الطبيعة الجنينية" لسوق قيم البورصة، إلا أن أثر هذه الأزمة على الاقتصاد الحقيقي للبلدان المُصنعة التي تتبادل معها الجزائر الجزء الأكبر من تجارتها الدولية سيلحق، يقول، أضرارا بالصادرات، ويترتب عن ذلك خطر على تمويل البرامج الحالية والمشاريع المستقبلية. كما أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني أن هذه الأزمة كشفت عن حقائق الاقتصاد الوطني "غير الآمن" وأظهرت واقع التبعية للمحروقات والصعوبات في جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو توغل منتوجاتنا في الأسواق الخارجية، كما كشفت مسائل أخرى متعلقة بالمنظومة المالية والمصرفية التي يتوجب مواصلة إصلاحها وعصرنتها. ورافع زياري لصالح الشروع في التفكير المرحلي حول ما يجب أن تكون عليه السياسات العمومية في الميادين الأكثر حساسية وحول دور الدولة في الاقتصاديات الوطنية عموما، بما في ذلك الجزائر طبعا، داعيا الخبراء المشاركين في اليوميين الدراسيين إلى الإجابة عن التساؤلات المطروحة في هذا المجال، بما في ذلك الآثار المترتبة عن تراجع الاستثمار الأجنبي المرتقب سنة 2009 بالنسبة للجزائر الذي أعلن عنه البنك الدولي إَضافة الدور الذي يجب أن تلعبه الدولة في مثل هذا الظرف وما إذا كان بإمكانها التخلي عن الضبط وتسليم أمرها للسوق أم يتعين عليها دعم الاستثمار العمومي وإنجاز الهياكل القاعدية ودعم القطاع الخاص.. جدير بالذكر هنا أن الفترة الصباحية من اليوم الأول شهدت عدة مداخلات منها مداخلة حول "مسببات الأزمة المالية" قدمها الأستاذ عبدال عتو من جامعة سانت أنطوني بأكسفورد ببريطانيا، ومداخلة للأستاذ أحمد سيلام من جامعة ليون بفرنسا حول "أزمة الاقتصاد الفعلي" ومداخلة حول "انعكاسات الأزمة ورد الفعل الأوروبي" قدمها الأستاذ أوسكار كرافيلو من جامعة ميلانو بإيطاليا وأخرى حول "الأزمة والبلدان النامية" قدمها الأستاذ رضا قوية من كلية العلوم الاقتصادية والتصرف بتونس ومداخلة أخرى حول "انعكاسات الأزمة على الاقتصاد الجزائري" قدمها الأستاذ فريد يايسي عميد كلية العلوم الاقتصادية بجامعة بجاية. وقد اعتبر المتدخلون الأزمة المالية الحالية ليست ناتجة عن أزمة السوق المالي أو الأزمة الاقتصادية فقط بل ناتجة كذلك عن السياسات الاقتصادية المتبعة وعدم وضع استراتجيات وقائية، مشددين على ضرورة إتباع استراتيجيات وقائية لمواجهة أي خطر، كما رافع هؤلاء لصالح إتباع سياسة حذرة في مجال استغلال الموارد المالية من قبل الدولة، موضحين أن الجزائر بإمكانها أن تُهيكل اقتصادها بالنظر إلى الإمكانيات التي تتوفر عليها في المجال المالي.