نوّه عدد من المختصين في الأدب بالدور الكبير الذي أضحت تلعبه الرواية العربية اليوم، خاصة تلك التي تتغذى من أحداث المجتمع ومعاشرة كتّابها للأوضاع المحيطة بهم، وهو ما جعل الرواية المبنية على الواقعية تحتل المراتب الأولى من حيث العرض والطلب وعدد السحوبات في مختلف المحافل الوطنية والعربية والعالمية. استعرض كل من محمد ساري، مصطفى فاسي من الجزائر وهشام الخشن من مصر، تجربة الكتابة الروائية من منظوره الخاص، خاصة في ظل المتغيرات التي تحيط بالأمة العربية اليوم، وهو ما حاول المتدخلون التطرق إليه في الندوة الموسومة ب”الكتابة والراهن العربي”، حيث أشار الخشن إلى الظروف التي أحاطت بعمله الموسوم ب”7 أيام في التحرير”، والتي إن كتبها في وقت قصير جداً، بالتزامن مع الأحداث التي آلت إليها الأوضاع في مصر، وأدت إلى خلع الرئيس المصري حسني مبارك، إلا أنّ الرواية - حسبه - لم تكن أدبا استعجاليا البتة، لأن الظروف التي كان يعيشها الكاتب مع أبناء جيله ساعدت على بلورة أفكار النص حتى قبل قيام الثورة، التي هيأت حسبه الجو الفعلي أو الواقعي لكتابة أحداث نصه مع إضافة الأجواء الحقيقية التي عاشها الكاتب في ميدان التحرير، لهذا فهو يرفض رفضا قاطعا تصنيفه ضمن فئة الكتّاب الذين أرادوا ركوب أمواج الكتابة الجديدة والبحث عن الشهرة على حساب النص الجيد الذي عادة ما يأتي بعد تريث وقراءة طويلة للمتغيرات التي أحاطت بالواقع الذي أراد التطرق إليه في عمله، مؤكدا في السياق ذاته الأهمية والدور الكبير الذي لعبتها التكنولوجيا الحديثة في إخراج نصه بالسرعة الكبيرة، عكس ما كان عليه الواقع في السابق، والتي كان من الصعب الكتابة عن أحداث معينة في ظرف قياسي، وهو ما تحدّث فيه الكاتب مصطفى فاسي، مستشهدا بقلّة النصوص التي كتبت في الجزائر أثناء حرب التحرير المباركة التي خاضها الجزائريون ضدّ المستعمر الفرنسي، حيث عرفت تلك الفترة نقصا كبيراً في عدد الأعمال التي تناولت تلك الحقبة المهمة في تاريخ الجزائر والجزائريين. وفي سياق متصل، تطرق المترجم محمد ساري في مداخلته إلى محنة الكاتب العربي والكتابات الشعرية والروائية التي كانت تتوقع التغيير في المجتمع العربي، حيث تناول الواقع الرهيب الذي يعيشه الكاتب انطلاقا من بعض العوائق التي تقف في وجه مسيرته الإبداعية والأدبية كرقابة السلطة السياسية والدينية التي تضيق الخناق على حرية التعبير ولا تسمح بنقد الواقع وأحوال البلد إلى جانب جملة من المشاكل الأخرى المتعلقة بالجانب التجاري كالنشر والتوزيع، بالإضافة إلى انحصار المهتمين بالنص الروائي بين الطبقة المثقفة والإعلامية والنقّاد ليس إلاّ.