اتفق المشاركون في ندوة ''الكتابة الروائية والراهن العربي''، مساء الخميس الماضي، على هامش صالون الكتاب الدولي، على أن الكاتب العربي ظل يتعرض لشتى أنواع الرقابة والمنع، السياسية والدينية، ما أنتج فئة من الكتاب الموالين للسلطة، وأخرى أمسكت العصا من الوسط، تهلل للحاكم وتمشي في مسيرات الثوار، غير مستقرة على رأي· ------------------------------------------------------------------------ ضمت الجلسة المسائية بقاعة محاضرات ''ب'' بمركب محمد بوضياف الأولمبي، كل من الروائيان الجزائريان محمد ساري ومصطفى فاسي، إلى جانب نظيرهم المصري هشام الخشن، تحت إدارة الأستاذ حميد بوحبيب، الذي تساءل عن درجة تفاعل الكتابة الروائية مع متطلبات الشارع العربي، خاصة فيما يتعلق بالحرية وحق التعبير عن الرأي، ومعارضة سلوكات السلطة في مصادرة المعتقدات والحريات الشخصية· دعا هشام الخشن في معرض حديثه إلى التفريق بين أنواع المثقفين المنتشرين في مصر، على أساس أن هناك فئة كبيرة موالية للسلطة وعاشت في فلكها وتمتعت بالإمتيازات الكثيرة ''يجب أن تفرقوا بين المثقف كمبدع للأفكار ومسؤول عنها وبين الفنانين والرياضيين الكرويين الذين اعتبرهم أبناء النظام، وقد صنعوا أسمائهم بفضلهم، لهذا يدافع الفنان المصري والسوري عن هذا النظام إلى آخر نفس فيه''· يقول الخشن· كما عاد الروائي إلى تجربته الكتابية التي جاءت حديثة جدا، وانفعالية محضة، استجابة لغليان الشارع المصري الذي خرج مطالبا بإسقاط مبارك وحاشيته· وقال المؤلف أنه كتب نصه الروائي ''7 أيام في التحرير'' في وقت قصير، حتى لا تضيع اللحظة وتنساب بين يديه بسرعة، وأنها ترجمة لسيل من المشاعر خاف من ضياعها وعمد إلى تسجيلها بسرعة قبل أن تتبخر· من جهته تناول الروائي محمد ساري، نماذج من النصوص الشعرية والروايات العربية من أجيال مختلفة، تنبأت بوقوع الثورات العربية، مستندة إلى معاناة الكاتب في حد ذاته، وعلاقته غير المريحة بالسلطة، والمتميزة بممارسة الرقابة السياسية والدينية، على كل إبداع من شأنه أن ينير عقول المتلقين من أبناء الشعب· وقد جاءت نصوص إبداعية كثيرة، يضيف ساري، محملة بانشغالات وإشكاليات علاقة المثقف بالسلطة السياسية والقمع الإيديولوجي والإداري، منذ 03 سنة ضمن كتابات عبد الرحمان منيف، الطيب صالح، واسيني لعرج، رشيد بوجدرة ونجيب محفوظ· مشيرا إلى أن المشكل في الرواية العربية، عدم تجاوزها الخطاب السياسي، وضبابية الموقف، خوفا من الرقيب السياسي، ناهيك عن فشل خطاب الواقعية والاشتراكية، وقال أن المثقفين العرب مفصولون عن الواقع وأنهم تفاجئوا من سيل الثورات العربية حيث أن الثورات الجديدة ولدت خارج رحم المؤسسات وفي الفايسبوك· وقد تقاسم مصطفى فاسي، رأي زميله من جامعة الجزائر، حيث قال ''هناك رقابة خاصة على القصة والرواية مباشرة وتخص المنع من الصدور، وأخرى أكثر ذكاء تتمثل في تحديد النسخ المطبوعة، إذ لا تشكل الألف نسخة أو الألفين، عددا كافيا لتغطية السوق والوصول إلى أكبر قدر من القراء المحتملين، وعلى قلتهم''، معقبا على كلامه بالقول ''هناك رقابة مربوطة بوسائل الإعلام التي تمارس رقابة بليدة على المضامين''، مستشهدا بالتلفزيون الجزائري، الذي لا يمنح فرصة لعرض كتاب ومناقشته· يرى ساري أن اللغة العربية الأكاديمية حالت دون تفاعل بين الروائي والكاتب عموما، والجمهور وواقعه بسبب الهوة بين اللغة النخبوية واللغة الدارجة التي يفهمها العامة· وعن روايته الجديدة '' القلاع المتآكلة '' التي ستصدر بعد المعرض الدولي للكتاب عن دار البرزخ، قال ساري أنها تؤرخ لمرحلة الإرهاب، معتبرا بالمناسبة، أن المجتمع الجزائري كان أكثر تسامحا في السبعينيات من القرن العشرين، أما خلفيات العنف فهي مرتبطة -في نظره- بالإرث الثوري وما بعده خاصة بعد الاستقلال والصراع على السلطة·