انتقل إلى جوار ربه وزير الإعلام الأسبق بشير رويس.. المجاهد الذي لقب بنهرو في الولاية الرابعة. بشير رويس هذا الذي رحل عنا دون أن تعطيه الصحافة حقه أو حتى الحد الأدنى من حقه هو بحق الأب الروحي للانفتاح الإعلامي في الجزائر. فالوزير الراحل رويس هو صاحب فكرة إصدار صحف مسائية عام 1985.. فقد جمع رحمه اللّه مسؤولي جريدتي الشعب والمجاهد في مقر وزارة الإعلام وقال لنا: لابد من إصدار صحف مسائية شبابية للاستجابة لحاجة الشباب المتصاعدة.. وقال أريد أن تكون هذه الصحف المسائية من النوع الذي يحمله الشاب في جيب سروال الجين الذي يلبسه.. ولا أريدها صحفا مسائية عبارة عن "حصائر" مثل ما هو حال "الشعب" و"المجاهد". في عهده بدأ الانفتاح الاعلامي في إعلام الحكومة والحزب الواحد آنذاك.. ونتذكر المقالات التي كانت تكتبها أسبوعية الجزائر الأحداث التي كان يرأس تحريرها الصحفي المعروف المرحوم كمال بلقاسم. في عهده ظهرت الحصص الخاصة النقدية في التلفزة.. مثل "منكم وإليكم" والندوات التي عقدت حول العمران! وفي عهده شاهدنا أشرطة تلفزية كانت محرمة مثل: "صديقنا ديغول" وأشرطة حول التفجيرات النووية الفرنسية في رڤان! كان رويس رحمه اللّه رجل دولة يمتص تهديدات السلطة للصحافيين فلا ينفذها.. ويمتص ضغط الصحافيين من أجل الحرية فلا يجعلها تواجه جبروت السلطة! كان عندما يعاقب الصحفي إذا ما تعرض لضغوط عليا يتركه في منزله ويدفع له راتبه! ولم نعرف ذلك إلا بعد رحيله عن الوزارة. هو أول وزير تجرأ وأصدر البطاقة الوطنية للصحافي.. وهو أول وزير أصدر مرسوما لتكريم أهم الأعمال الإعلامية في التلفزة والإذاعة والصحافة المكتوبة.. وجمد العمل بالمرسوم بعد رحيله من الوزارة. وأزعم أن بشير رويس كان أول وزير إعلام يسمع لنبض الصحافيين.. وبفضل مبادرته في الانفتاح الإعلامي تكونت النواة الأولى للصحافة الشبانية في "المساء" و"أوريزون".. وهي النواة الأولى للصحافة المستقلة بعد دستور 1989، خاصة مجموعة "الخبر" ومجموعة "لوسوار دالجيري" ومجموعة "الوطن"! وكم تمنيت لو أن الزملاء في هذه الصحف التفتوا لهذا الوزير وأعطوه حقه.. على الأقل بعد وفاته.. ما داموا لم ينصفوه وهو حي! لا ينكر فضل بشير رويس على الانفتاح الاعلامي إلا جاحد.. ولا ينكر فضل مولود حمروش على ميلاد الصحافة المستقلة إلا جاحد.. فمتى نتخلق بأخلاق الاعتراف بالفضل لأصحاب الفضل؟! ولعل هذا ما ينقصنا في الصحافة المستقلة الآن إلى جانب أشياء أخرى مهنية؟!