يجيب المخرج دحمان أوزيد، عن سؤال "وجود سينما في العالم مماثلة لسينما هوليوود، من عدمه؟" بالقول : "صراحة؛ لا وجود لهذا النوع من الصناعة السينمائية في بلدان أخرى، إن ذلك كان في أوروبا أو آسيا أو حتى أمريكا اللاتينية لأن السينما تراجعت في هذه البلدان لدرجة لا توصف"، ويضيف أوزيد: "رغم وجود بعض الصناعات السينماتوغرافية التي نجحت إلى حد ما في القيام بالإيجاب لصالح بلدها إلا أن إيديولوجيتها لا تحاكي ما تقوم به سينما هوليوود، منها السينما الهندية اليوم التي تعد من بين أهم الصناعات السينمائية في العالم لأنها تواصل في تقديم للشعب الهندي ولو عن طريق الكوميدية الراقصة جزء من الحلم الذي تحتاجه عينة من الجمهور"، وانطلاقا من ذلك يؤكّد أوزيد :" شأت إديولوجية من نوع آخر في الهند هي إيديولوجيا الحفاظ وتجديد التقاليد الهندية، حيث لا يخفى على أحد أن السينما الهندية جد تقليدية على الرغم من وجود كم هائل من الإنتاج يمكن أن يقال عنه، بين قوسين، حديث ويملك مقاربات وكتابات عالمية"، ورغم ذلك لا ينكر أوزيد أن السينما البوليوودية في الحقيقة تواصل في الاستجابة إلى مقاييس السينما الهوليوودية رغم أن السينما في هذا البلد هي استعراض الفقراء، حسب أوزيد، الذي يرىفي ذات السياق أن هناك سينما أخرى اليوم تسجل حضورها بقوة وهي السينما الصينية التي بدأت تتجلى ملامحها؛ "حيث أن السينما الصينية الحديثة تحمل معايير عالمية وهو السبب الذي جعلها تتخطى الحدود وأصبحت مشاهدة أكثر عبر العالم مع أنها لا تستجيب للإديولوجية التي تعتمدها أمريكا". أما فيما يخص غياب باقي الصناعات السينمائية العالمية على غرار فرنسا باعتبارها السباقة للظهور، روسيا، إيطاليا، كوريا، ودول أمريكا اللاتينية وغيرها أمام الحضور القوي لهوليوود، يعتقد أوزيد أن "الصناعة السينمائية في هذه البلدان تراجعت كثيرا وفقدت القسط الأكبر من بريقها ومقاييسها وكذا مميزاتها، غير أن السينما الأوروبية الوحيدة التي حفظت نوعا ما ماء وجه سينما القارة العجوز، هي السينما الفرنسية، وتأتي السينما الإيطالية بعدها" رغم أن أوزيد يؤكّد أن هناك فرق شاسع بين ما هو موجود حاليا في إيطاليا وبين السينما العملاقة التي قدمتها روما سنوات الخمسينات بالرغم من محافظتها على مميزات عديدة". أما في باقي الدول مثل أستراليا و دول أمريكا اللاتينية فإن السينما فيها، حسب أوزيد، هي "سينما محدودة لم تتمكن في الواقع من أخذ مكان لها في العالم، وهذا الحديث يشمل كل الدول الأمريكولاتينية بما فيها البرازيل، فنزويلا، المكسيك والأرجنتينية التي تجتمع كلها ضمن حدود سينما أمريكا اللاتينية دون الخروج إلى العالمية". المستقبل لسينما آسيا الشرقية متلفت المخرجة باية الهاشمي في حديثها عن السينما الأخرى، الانتباه إلى أن السينما الكورية "قادمة"، لأنها "أدركت طبيعة النضال باعتماد الجبهة السينمائية"، وتحيلنا باية إلى تجربة السمعي البصري في تركيا؛ حيث إلى وقت غير بعيد لم نكن نعرف شيئا عن السينما التركية وها هي اليوم تنتعش، بالإضافة إلى إيران التي عرفت انطلاقة أخرى لأنها كانت تملك في عهد الشاه سينما وكان لها استوديوهات باعتبار أن الشاه كان قريبا من أمريكا ويتعامل كثيرا معها؛ وكان على تواصل مع التقنيات السينمائية الجديدة في أمريكا. وتؤكّد باية أنّ سبب غياب تلك السنيمات عن المتلقي الجزائري، خصوصا كان بسبب غياب الترجمة، وهي الخاصية الجديدة التي تطوّرت في السنوات الأخيرة، لذلك – تقول باية - فاليوم إيران أعادت بناء السينما شأنها شأن اليابان الذي ينتج سينما مقبولة بالمعيار العالمي، وما يلفت الانتباه، حسب رأي المخرجة، هو تراجع السينما الروسية والسينما الإيطالية، ونفس الشيء بالنسبة لسينما أمريكا اللاتينية التي أرادت في فترة ما الخروج إلى النور لكنها سرعان ما انطفأ مشعلها، لكن المشكل المشترك المطروح لدى جميع هذه الدول، تضيف الهاشمي، هو إهمالها للسينما أمام اهتمامها الكبير بالتلفزيون فغاب بذلك الفن السابع عن الواجهة فاسحة المجال أمام اكتساح هوليوود. هذا الرأي يتطابق إلى حد كبير مع رأي أحمد بجاوي، المختص والباحث في السينما، الذي يعتقد أن الفيلم يعبر عن العظمة والقوة الحقيقية للبلد، واليوم أصبحت ايطاليا برلسكوني مهزلة، يحكمها المهرجون، إذ لا يمكن لبلد في ظل هذا الحكم امتلاك سينما أو أدب مثل تلك التي امتلكتها أوروبا فيسكونتي أو مورافيا، وسقط بجاوي المثال نفسه على السينما الروسية، مستثنيا في السياق ذاته تجارب حديثة مهمة مثل تجارب الهند، الصين، كوريا الجنوبية، تركيا وإيران.. وفي هذا السياق، ترى الأكاديمية والمخرجة، نادية شيرابي أن نظام الحكم في إيران، مثلا؛ يحاول أن يقدم صورة جيدة عن الوضع العادي في البلاد على مستوى كل الجوانب من خلال بعض الأفلام التي تنتجها السينما الإيرانية، على يد مخرجين لا يتجاوزون الخطوط الحمراء في أعمالهم. الأمر نفسه ينطبق على السينما التركية والاسبانية والكورية والمكسيكية وغيرها، حسب شيرابي، التي ترى أن كل مخرج أو منتج أو ممثل فيها له خط عمل واستراتيجية معينة في تصوير الفيلم أو تصوير مشهد أو تقديمه والتي تحمل بدورها نقدا معينا لسياسة غير واضحة في بلده في مجال ما، يمرره بطريقة ذكية وغير مباشرة، لا تعود عليه بالمشاكل. غير أن هذه السينما، تضيف شيرابي، لم تعرف الانتشار لأسباب عديدة، منها سيطرة الولاياتالمتحدةالأمريكية، على الساحة السينمائية في العالم آو لظن الجمهور بان سينما الواقع الأمريكية هي الأفضل. . السينما الفرنسية بخير بفضل الضريبة على الفيلم الأمريكي قد يختلف رأي بعض السينمائيين الشباب في الجزائر عن رأي السابقين، خصوصا فيما تعلّق بتراجع السينما الأوربي، وخصوصا الفرنسية، حيث يرى المخرج الشاب مؤنس خمّار، أن السينما الايطالية مرت بأزمة خلال السنوات الأخيرة وهو ما أدى إلى ضعفها والظهور بوجه شاحب في المشهد السينمائي العالمي إضافة إلى تمكن السينما الأمريكية من الانتشار بفضل التوزيع الكبير للأفلام التي تنتجها هوليوود بحيث استطاعت أن تفرض نفسها على كل الدول، باستثناء فرنسا التي استطاعت، حسب خمّار، أن تحافظ على إنتاجها السينمائي المسيطر على المستوى المحلي وذلك بفضل الإستراتيجية الخاصة التي انتهجتها فرنسا من اجل حماية السينما المحلية، بفرض ضريبة على كل فيلم أمريكي يعرض بقاعات السينما في فرنسا والغرض منها تمويل الأفلام الفرنسية وبالتالي تقوية السينما على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي. ويقول مخرج "العابر الأخير"، إن السينما الاسبانية تتعرض هي الأخرى إلى هيمنة السينما الأمريكية وللتخلص منها أصبح المخرجون والمنتجون الإسبان او المكسيكيون يقومون بإنتاجات مشتركة مع هوليوود وهي طريقة يعتبرها مؤنس، جد ذكية وغير مباشرة من اجل إثبات وجود السينما الاسبانية في العالم ومجاراة نظيراتها العالمية. المخرج عبد النور زحزاح، يعاضد مؤنس خمّار في رأيه، حيث يؤكّد إن فرنسا تقدّم إنتاجا سينمائيا محترما، مضيفا :" السينما الأوربية تظهر بشكل لا بأس به في المهرجانات العالمية وان كانت السينما الهوليوودية متفوقة لما تلاقيه من دعم شركات كبرى للتوزيع كشركة توانتي سنتري فوكس، لابارامود، قولدن ميلور، وغيرها من الشركات التي ساعدت على بروز السينما في الولاياتالمتحدةالأمريكية"، بالمقابل يرى زحزاح أن الصناعة السينمائية في شرق آسيا محتشم ظهورها لانعدام شركات توزيع كبرى قادرة على المنافسة.