أولمبي العناصر...مركز تكوين متطور وموارد مالية شحيحة شبيبة القبائل...لا تكوين مع ضيق وقت التدريبات
نصر حسين داي...الحياة تعود لميدان بن صيام مع انتقاء المواهب اتحاد الحراش...الاكتظاظ حوّل المدرسة من مورّد إلى مستورد يبدو أن السنوات الأخيرة كانت عقيمة في إنجاب نجوم كرة من إنتاج محلي، وهو ما انعكس على تركيبة المنتخبات الوطنية التي أضحت تتشكّل في غالبيتها من عناصر محترفة على شاكلة المنتخب الوطني الأول لكرة القدم. وحتى عديد الأندية وبحلول الميركاتو الصيفي أو الشتوي تسارع إلى استكشاف العصافير النادرة من أندية أخرى وكأن الذين يتدرجون في مختلف فئات النادي غير معنيين بالترقية. الكرة الجزائرية معروفة بتعدد وتنوع مدارسها التي كانت مصدرا لتكوين عديد النجوم، ويكفي ذكر البعض منها كأولمبي العناصر واتحاد الحراش وشبيبة القبائل ونصر حسين داي. هذه الأخيرة ورغم الشح المالي أعادت شعار التكوين إلى السطح من خلال بعثها لعملية الاستكشاف في وقت اشتكى البعض نقص الأموال وكذا عدم وجود هياكل رياضية تسمح للشباب بالتدرب وفق الحجم الساعي المطلوب. ولأن التكوين هو أساس الاستمرارية، دخلت مؤسسة قدماء لاعبي منتخب جبهة التحرير على الخط من خلال إنشاء مدرسة في كل ولاية. شبيبة القبائل الكناري يصنع أمجاده بفضل أبنائه تعد شبيبة القبائل أكثر الفرق حصدا للألقاب محليا وإفريقيا، فأصحاب اللونين الأصفر والأخضر أو “الكناري” كما يُلقبون لم يغيبوا عن منصّات التتويج إلا نادرا، حيث إن الشبيبة لا تمل من حصد الألقاب كل موسم. ويكمن التألق المتواصل للشبيبة في نجاح النادي في إنجاب لاعبين كبار صنعوا أمجاد الفريق الأول، وساهموا في مواصلة تألق الكناري. وباختلاف الأزمنة، فإن الكناري ظل وفيا لعاداته في إنجاب اللاعبين. وقد يطول الحديث في حال سرد جميع اللاعبين الذي ترعرعوا وتعلموا فنون الكرة بالنادي القبائلي، لكننا حاولنا الحديث عن أبرز من لعب لفريق اللونين الأصفر والأخضر. الأنصار يطالبون بمواصلة الاعتماد على لاعبي المدرسة وجّه أنصار الشبيبة انتقادات لاذعة لإدارة فريقهم بعد استغنائها الموسم الفارط عن بعض اللاعبين الذين يعدّون من أبناء وخريجي مدرسة الشبيبة على غرار الحارس برافان والمدافع كسيلة برشيش. واعتبر العديد من أنصار الكناري أن نجاح الفريق يرتبط ارتباطا وثيقا بالاعتماد على لاعبي الفريق، حيث نجحوا في قيادة الفريق لمنصات التتويج طيلة السنوات الماضية، وبالتالي فهم الأقدر على ضمان تألق الشبيبة مستقبلا. بالنظر إلى مختلف نتائج الفرق السنّية في شبيبة القبائل، خلال السنوات الأخيرة، ندرك جيدا السياسة التكوينية الناجحة للنادي، حيث إن الكناري يعد من أفضل المدارس الوطنية بشهادة الكثيرين، كما أن السياسة التكوينية في الكناري تعتمد على منهجية علمية تضمن أفضل تكوين للاعبين. كما أن الإدارة القبائلية حرصت على ضمان أفضل المدربين لمختلف فرقها، حيث يمتلك جميع مدربي الفئات العمرية دبلومات وشهادات تكوين من الدرجة الثانية، كما أنهم يعملون وفق برنامج عمل مميز تم وضعه لضمان نجاح التكوين، ففضلا عن الإمكانات المادية المتوفرة والتي تفوق الإمكانات الموجودة في أغلب الأندية الوطنية، حرصت الإدارة على ضمان تكوين مبني على الأسس العملية. و قد تم تعيين الخبير كعروف رشيد كمسؤول على الفئات الشبانية، حيث يعمل على متابعة العمل المبذول من طرف جميع مدربي الفرق ويعقد معهم اجتماعات شهرية لمناقشة استراتيجية التكوين والخطوات المتبعة لضمان صقل المواهب الكروية. زواوي لوناس مدرب الأصاغر “لا يمكننا تطبيق برنامج تكويني متكامل لضيق الوقت” اعترف مدرب أصاغر شبيبة القبائل، لوناس زواوي، أن سياسة التكوين المحلية تراجعت بشكل رهيب، وهو الأمر الذي دفع المدرب الوطني حليلوزيتش لانتقاد ضعف تكوين اللاعب المحلي وافتقاره لأساسيات كرة القدم. واعتبر زواوي أن ضيق الوقت يجعل من المستحيل تطبيق برنامج عمل متكامل لتكوين اللاعبين، حيث وبالنظر إلى ارتباط اللاعبين بالدراسة وبعد المسافة بين الملعب ومقر سكناهم يفرض على المدرب تعديل خطط عمله. وأكد زواوي أن الاقتصار على ثلاث أو أربع حصص في الأسبوع يؤثر سلبا على تلقين اللاعبين الصغار أساسيات كرة القدم. وإلى جانب ضيق الوقت، فإن زواوي يرى أن ضغط الشارع الرياضي المتواصل ونفاد صبره فيما يخص النتائج له انعكاسات سلبية على نجاح اللاعبين الشباب ممن هم من خريجي المدرسة، وقال “من الضروري الاعتماد على لاعبي المدرسة ضمن الفريق الأول في سن مبكر قصد إعطائهم التجربة الكافية، لكن ذلك قد يؤدي إلى تأثر نتائج الفريق بسبب غياب تجربة اللاعبين. وفي حال تحقيق التعثرات، فإن الشارع الرياضي ينتقد الإدارة بشدة مما يحتم عليها الاعتماد على لاعبين جاهزين قادمين من فرق أخرى، في حين يتم صرف النظر عن خريج المدرسة بسبب افتقاده الخبرة الكافية للعب مع الفريق الأول”. وأضاف زواوي “على الأنصار ضرورة الصبر وتشجيع أبناء الفريق بدل المطالبة المستمرة بتحقيق الألقاب. وفي بعض الأحيان علينا التضحية وتحقيق مشوار متواضع من أجل بناء جيل قوي مستقبلا، بدل البحث عن نتائج عاجلة. وهو الأمر الذي يجبر الإدارة على تهميش لاعبي الفريق وشراء لاعبين بالملايير لتمثيل الكناري”. ويرى متحدثنا أن لاعب الفريق المكون عبر مختلف الفئات العمرية يعد استثمارا ثمينا للفريق ومن الواجب الاعتماد عليه، مضيفا “الإدارة تصرف أموالا طائلة من أجل ضمان تكوين جيد للاعب. وفي حال تنقله لفريق آخر، فإن ذلك يعتبر خسارة فادحة بالنظر للأموال والجهد المبذول من طرفها لإعداده”. أولمبي العناصر الأزمة المالية كادت أن تعصف بتواجد أبناء الرويسو أولمبي العناصر واحد من بين أعرق المدارس الكروية، صاحب اللونين الأسود والأبيض تأسّس سنة 1962، وعلى مر السنوات ظلت “لوامار” وفيّة لتقاليدها في إنجاب أبرز اللاعبين الذين صنعوا أمجاد الكرة الوطنية، كما نجحت في أن تكون خزانا حقيقيا للمنتخب الوطني بخيرة اللاعبين على مر الأزمنة. فمن من لا يعرف الأسطورة “لالماس”، الذي ترعرع في أحضان مدرسة الأولمبي وتعلم أبجديات اللعبة عبر أصنافها الكروية قبل أن ينتقل بعدها لشباب بلكور. ويعد لالماس الهدّاف التاريخي للبطولة الوطنية ب 150 هدف سجله في مشواره الكروي. وبذهاب لالماس واصلت مدرسة رويسو عطاءاتها في تصدير لاعبين من طراز كبير على غرار سالمي، عاشور، مدني، مازة وآخرين. من الصراع على الألقاب إلى غياهب الأقسام السفلى عرفت السنوات الأخيرة تراجعا رهيبا لمكانة أولمبي العناصر محليا، فبعدما كان من بين الفرق المنافسة على الأدوار الأولى في البطولة، عصفت المشاكل الإدارية والمالية بالفريق إلى الأقسام الدنيا لينسى الكثير منا تاريخ الفريق مؤقتا، حيث غاب الحديث عن أولمبي العناصر حاليا وأصبح يعاني في صمت رهيب ضمن بطولة قسم ما بين الرابطات أو ما يعادل القسم الرابع في البطولة الوطنية، وهي المكانة التي لا يستحقها فريق بحجم وقيمة الأولمبي. وبنبرة الحزن والأسى، أوضح رئيس الفريق حاليا عبد الوهاب عطية أن الأولمبي يستحق العودة لمكانته ضمن فرق النخبة، مطالبا جميع محبي الفريق بمساعدته على تحقيق طموحاته في الصعود هذا الموسم. في المقابل، أكد عطية أن الفريق لا يزال محافظا على سياسته التكوينية الناجحة، وما فتئ يواصل تمويل الأندية بخيرة اللاعبين. ورغم أن الأمر لا يتعلق بلاعبين من حجم لالماس ومدني، إلا أن الأولمبي استطاع تكوين بعض الأسماء التي لها وزن كبير على الساحة الوطنية. وأوضح عطية قائلا “الأولمبي مدرسة عريقة ولا تزال قادرة على إنجاب لاعبين بارزين على غرار العيفاوي، الذي يعد اللاعب الوحيد من البطولة الوطنية الذي شارك في مونديال جنوب إفريقيا الأخير، وإلى جانبه نجد أسماء أخرى كحيماني مهاجم شبيبة القبائل ومدافع شباب بلوزداد أكساس والمهاجم دراق محمد بالإضافة إلى العديد من الأسماء الآخرى”. وكشف عطية أن العديد من أولياء اللاعبين يحرصون بشدة على التحاق أبنائهم بمدرسة العناصر من أجل تحصيل تكوين كروي متميز يضمن تألقهم مستقبلا. كما أن سياسة التكوين الناجحة ساهمت في مواصلة صنع اللاعبين الأكفاء. وقال “في السنتين الماضيتين غادر الفريق حوالي 40 لاعبا من صنفي الأواسط والأكابر في اتجاه أبرز الفرق الوطنية، كما أن الأندية تراقب بشدة لاعبينا بحثا عن اصطياد العصافير النادرة”. وعلّل عطية النجاح المستمر لفريقه حاليا لمركز التكوين الذي يحوزه الفريق والذي تم تدشينه سنة 2000، وهو المركز الذي يحتوي على جميع الإمكانات اللازمة لتكوين وصقل المواهب الكروية. وفي هذا الخصوص يقول متحدثنا “لدينا مركز تكوين يعد الأفضل في الوطن، وهو أحسن بكثير من مركز أكاديمية بارادو بفضل المرافق المتطورة الموجود به”. من جانبه، أكد اللاعب الدولي السابق سلمون والذي يشغل منصب مدرب مساعد للفريق حاليا أن الأولمبي من بين الأندية القليلة التي نجحت في مواصلة إنجاب أبرز اللاعبين بفضل العمل الكبير المبذول من طرف مسؤولي الفريق بالإضافة إلى اجتذاب العديد من الأطفال الذين يرغبون في ضمان تكوينهم بالأولمبي. عطية “الأموال من الضروريات في وقتنا الراهن” يرى رئيس الأولمبي عطية أن أبرز المشاكل التي يعاني منها الفريق حاليا هي تجاهل الفريق من طرف المسؤولين والجماهير على حد سواء، حيث استغرب محدثنا التهميش الكبير الذي يعاني منه فريق بحجم وعراقة الأولمبي. وأكد عطية أن توفير الدعم المالي ضروري من أجل ضمان عودة الفريق للواجهة ومواصلة سياسته الناجحة في تكوين اللاعبين، وأضاف “الأموال أصبحت من الضروريات في وقتنا الحاضر، لقد عانينا الأمرّين في الموسمين الماضيين، حيث لم تخصص السلطات المحلية أي إعانات للفريق”.