استقبلت قاعة ابن زيدون الثقافة اليابانية المهربة من الحكايات الشعبية القديمة، من خلال عرض مسرحي مزج بين الرومانسية والخيال المبني على الاعتقادات اليابانية السائدة، نقلها نسيج مسرحي مبدع سافر بالجمهور الجزائري عبر الحكايات الشعبية القادمة من اليابان لتشارك الجزائر احتفاءها بمرور خمسين سنة على استقلالها. ويدخل العرض - كما جاء على لسان سفير اليابانبالجزائر - في إطار احتفاء البلدين بالذكرى الخمسين للعلاقات الجزائريةاليابانية وتعزيزا للتبادل الثقافي بين البلدين المبني على التواصل الدائم والاهتمامات المشتركة. وقد عادت المسرحية بالجمهور إلى بدايات الصيف لتحكي قصة راهب بوذي يجسد دوره تاتيدا يوشيهيرو، الذي ينتقل من كيوتو عاصمة اليابان السابقة باتجاه منطقة الشرق طوكيو حاليا، فيكتشف أن أزهار كاكيتسوباتا اليابانية في أوج إزهارها على طول الجسر العابر لوادي ياتسوهاشي في مقاطعة ميكاوا ولاية أيشي حاليا. وعندما يبدأ في تأمل أزهارها الجميلة تظهر له امرأة من القرية والتي تجسد دورها الممثلة تاكيدا مونيكازو، لتحكي له قصة مميزة عن القرية، حيث تخبره أن هذه القرية كان اسمها ياتسوهاشي ومعناه ثمان جسور، وكانت القرية تشتهر بجمال أزهار إيريس (كاكيتسوباتا)، وذات مرة قرر أحد الشعراء اليابانيين والمدعو أريوارا نو ناريهيرا تأليف شعر مميز يستأجر من خلاله جمال أزهار إريس لقرية ياتسوهاشي. وفي خضم الحديث، قامت المرأة بدعوة الراهب إلى منزلها، أين تظهر بثوب جميل وعلى رأسها تاج يلمع لتفصح له أن هذا الأخير هو تذكار من الشاعر أريوارا نو ناريهيرا وأن الثوب هو لحبيبها تاكاكو نو كيساكي. وأمام دهشة الراهب يطلب منها هذا الأخير الإفصاح عن هويتها ويتفاجأ بكونها روح أزهار إريس. وتستمر المرأة في الشرح له كيف أن الشاعر نو ناريهيرا كان يجسد ”كابو بوساتسو” وهو نوع من الغناء موجه للإله لدى البوذيين، وأنه بفضل هذا الشاعر أصبح بإمكان الأزهار دخول الجنة. وتواصل سرد المغامرات الرومانسية للشاعر التي تناقلتها الحكايات، في قالب استعراضي مميز تناغمت فيه رقصات الممثلة التي قدمت ”رقصة الحب” على وقع الألحان الموسيقية اليابانية، وأضفت عليه الألوان الزاهية التي زينت الركح على تنوعها ويستمر العرض إلى غاية بزوغ الفجر أين تختفي المرأة. وقدمت المسرحية لوحة كوليغرافية مميزة مزجت بين الأداء والموسيقى الراقية التي جمعت بين ألحان الناي، وآلة الطمبور المختلفة الأحجام، حيث غاص من خلالها الحضور في عمق مسرح ”نو” الذي يُعنى بالتراث الشعبي الياباني المتوارث عبر الأجيال.