لا تزال قرية “أزيار” الجبلية والغابية من أفقر المناطق الريفية بولاية جيجل، حيث تكالبت على سكانها صعوبات عدة تتصل باهتراء الطريق وصعوبة التنقل نحو مركز البلدية بسبب غياب حافلات النقل العمومي، ناهيك عن النقص الحاد لمياه الشرب، إذ يعتمد أغلب السكان على وسائل بدائية لجلبه من منابع واقعة في مناطق وعرة. يشكو سكان أزيار، الواقعة ببلدية العنصر 65 كلم شرقي الولاية جيجل، من مشكلات عدة لكن أبرزها سوء وضعية الطريق، الذي يربط القرية بمركز البلدية، حيث صار يصلح لكل شيء ما عدا لسير المركبات، لأنه أصلا عبارة عن مسلك ترابي، يصعب اجتيازه، لا سيما خلال الفصول الممطرة، إذ يتحول إلى شعاب ومجاري مائية، ما يؤدي إلى عزل كل سكان القرية عن محيطها الخارجي. وحسب أقوال عدد من مواطني القرية، فإن السلطات الولائية ممثلة في والي الولاية، قد اطلع مؤخرا على الوضعية الكارثية لمواطني قرية أزيار وقد وعدهم بالقضاء نهائيا على العزلة، التي يحيونها منذ الاستقلال، طالما أنهم لم يتذوقوا طعمه إلى يومنا هذا. وحسب مصادرنا، فإن مشكل العزلة هو الذي تسبب في هجرة أزيد من نصف سكان القرية نحو بعض المراكز الحضرية داخل الولاية إضافة إلى ولايات أخرى مجاورة. مضيفين لنا، بأن المقيمين بالقرية لم ترحمهم السلطات المعنية ولم تلتفت إليهم طيلة السنين الماضية، ودليلهم في ذلك أن أرشيف البرامج التنموية التي استفادت منها بلدية العنصر خالي تماما من اسم قرية أزيار، حسب المواطنين الذين تحدثنا إليهم، والذين أكدوا أيضا بأن السكان يتنقلون يوميا إلى مركز البلدية عن طريق سيارات لنقل البضائع والسلع مقابل دفع أثمان باهظة أثقلت جيوبهم. أما بالنسبة لقطاع الري فحدث ولا حرج، على اعتبار أن القرية ينعدم بها الماء الشروب، ولا تتوفر على شبكة للمياه ولا على شبكة للتطهير، إذ يلجأ المواطنون إلى جلبها من مناطق بعيدة بواسطة الأحمرة، التي لا تزال تعتبر وسيلة النقل المفضلة لديهم لخصوصية المنطقة المعزولة، التي لا تتوفر إلا على مسالك ضيقة جدا ووعرة. كما أن المعضلة الأخرى التي تقسو على سكان القرية تتمثل في غياب الخدمات الصحية، ورغم وجود قاعة علاج، إلا أنها لا تزال مغلقة في وجههم، ولم يتم دعمها بالوسائل المادية والبشرية، إذ يضطرون إلى التنقل يوميا للبلدية من أجل الاستفادة من أبسط الخدمات الطبية. ونتيجة كل المشاكل المذكورة لا يزال شباب المنطقة وأولياؤهم يعانون من البطالة والجمود، إذ لم يجد الكثير منهم إلا خوض تجربة حرفة الرعي كحل مؤقت لمواجهة الفراغ القاتل وتجنب الانحراف وإنقاذ أسرهم من الضياع، من خلال ما توفره ماشيتهم من حليب ولحوم وصوف وكذا بعض المنتوجات الموسمية كالتين والعنب والعسل والزيتون، حيث يبيعون معظم منتوجاتهم في شوارع مدينتي العنصر والميلية مقابل دنانير يستغلونها في تلبية حاجات أسرهم المختلفة، في انتظار الفرج والحصول على فرصهم لتولي مناصب قارة ودائمة في مختلف هيئات ومؤسسات والظفر بنصيبهم من التنمية.