هل سيطوي فرانسوا هولاند، مرشح الرئاسيات الفرنسية لسنة 2012 عن الحزب الاشتراكي، صفحة علاقة هذا الحزب بالجزائر نهائيا، العلاقة التي اتسمت بالبرود أحيانا، وبالعداء أحيانا كثيرة، مثلما حدث أيام الثورة التحريرية، وأيام فرانسوا ميتران في عز أزمة الجزائر؟ ربما لا يمكن التنكر للمستقبل، فالرجل أرسل أول أمس من على ضفاف نهر السين رسالة إلى الجزائر، وإلى الناخب الفرنسي من أصول جزائرية، هذه الشريحة الواسعة من مزدوجي الجنسية التي أصبحت تزن ثقيلا في معادلة الانتخابات الفرنسية، عندما ألقى بورود في الذكرى الخمسين لمجزرة 17 أكتوبر في مياه النهر الذي ابتلع مئات من الجزائريين في المظاهرات. هولاند لم يكن وحده في الاحتفالات التي صادفت غداة فوزه الساحق في الانتخابات الأولية للحزب الاشتراكي، هذا الحزب الذي صار يقض مضجع يمين ساركوزي، الرئيس الذي عرفت العلاقة الفرنسية-الجزائرية أسوأ مراحلها تحت حكمه. هولاند كان مرفوقا بصديق الجزائر بنيامين ستورا، المؤرخ اليهودي-الفرنسي من أصول جزائرية، الذي مازال يعتز بأصوله الجزائرية، ويكتب ويخلد بحياد وبنزاهة ماضي الجزائر وتاريخها إبان الاحتلال وتاريخ الثورة، الشيء الذي يعزز مستقبل العلاقة بين بلدينا. وعكس ما صرح به منذ أيام سفير فرنسابالجزائر أن فرنسا لن تعترف ولن تعتذر بجرائمها في الجزائر، أرسل مرشح الحزب الاشتراكي رسالة مفادها أنه مستعد للاعتراف بهذا الماضي الثقيل بجرائم الاستعمار الفرنسي، ومستعد لفتح هذا الملف، الذي تعصب له ساركوزي ورفض الحديث عنه إلا في حال تمجيد الماضي الاستعماري لبلاده، في الوقت الذي كان يطالب تركيا بالاعتراف بجرائمها في حق الأرمن كشرط لقبولها في المجموعة الأوروبية. ثم إن هولاند لما يغازل الجزائر والجالية الجزائرية قبيل رئاسيات 2012 فهو يقر بأهمية المهاجرين في المجتمع الفرنسي، ويرى أن المهاجرين ليسوا دخلاء مثلما فعل ساركوزي، الذي عالج مشكل الهجرة والمهاجرين بعصا الشرطة وبوزارة الداخلية بدلا من معالجتها إنسانيا واقتصاديا. فهل سيحظى هذا اليساري بدعم الجزائر في الرئاسيات المقبلة، خاصة وأنه فتح الأمل وأسقط صفة التابو على ملف الماضي التاريخي وهو يدري أن للجزائر كلمة الحسم في اللعبة الانتخابية الفرنسية، لأنها تملك وعاء انتخابيا قوامه قرابة المليون ناخب. ثم إن اليمين وجد نفسه في مأزق خلال الحملة التي قادها يسار موحد في الانتخابات الأولية ولم يبق أمام أنصار ساركوزي سوى الكيل بالشتائم لمرشح اليسار ولبرنامجه الذي قالوا عنه إنه مستحيل تطبيقه في الواقع، وهو ما يوحي بأن الرئيس الفرنسي المقبل هو هولاند...