يُُحكى أن أسدا بلغ في حكم الغابة عتيّا، ولم يعُد على الزئير قويا.. وكان لطلّته هيبة ولسيرته طيبة، فأراد أن يحفظ ماء وجه حكمه، ويرفع شبهة ظلمه، قبل أن يقابل ربّه. فجمع حاشيته من ذوي الباع من ذئاب وثعالب وضباع، ليعلمهم بأمره ويستشيرهم في عزمه... في صباح اليوم الموالي، استفاق أهل الغابة على البيان التالي: ".. يا أهالي الغابة.. من الأيل إلى الذبابة، يعلمكم جلالة الأسد ذو الزئير والمهابة، أنه عزم على تقليشكم عرفانا على ولائكم، فمن رأى في نفسه القدرة على اعتلاء السدرة، يرفع ذيله أو يهزّ زعكته، فإن في التغيير لحكمة وفي التقليد لنقمة. فاستجيبوا يرحمكم قاسم النعمة.."... نهق الحمار فرحا ورقص القرد مرحا ورفع الأرنب قدحا وقال: "يا رفاق الخوف مرحا.. صار للمأكول صوت.. زمن التوريث راحَ.. فهلمّوا اليوم فوط"... جاء يوم "الvوط"، واجتمع بين أشجار البلّوط، أصحاب الريش والوبر بأصحاب الناب والإبر، لاقتسام غلّة الصندوق... في خضمّ الزحمة واشتغال اللمّة، رفع الذئب رأسه فلم يصدّق نفسه: "كلّ هذا اللحم حولي، دون جهد أو عناء!! يا رفاق الناب هبّوا إنّه وقت الغداء"...