تشهد مدينة الميلية، بجيجل، اختناقا لا نظير له بسبب الازدحام والحركة الكثيفة للمواطنين والباعة غير الشرعيين، الذين استولوا بامتياز على أهم طرقات وشوارع إحدى أقدم مدن الوطن، وفي مقدمتها الشارع الرئيسي المسمى 20 أوت 55 الذي تحول إلى سوق حقيقي، بعدما نصب الباعة الفوضويون والموسميون طاولاتهم في مختلف مساحاته والملاحظ على هؤلاء الانتهازيين، أنهم ينتمون إلى مختلف فئات المجتمع كبارا وصغارا وذكورا وإناثا. الكل يتنافس، صبيحة كل يوم، على حجز مكان مناسب لترويج بضائعه وسلعه من خضر وفواكه وتوابل ومعدنوس ودبشة وكرافس وتمور ومختلف أنواع الخبز والبريوش، إضافة إلى عرض المواد المصنوعة في البيوت التي يقوم الأطفال المنتمون للعائلات المحتاجة ببيعها على أرصفة الشارع بطرق منافية لشروط الصحة، على غرار والكسرة وخبز الدار واللبن. ويعتبر أصحاب المحلات الواقعة في الشارع المذكور الضحايا الأوائل من الفوضى السائدة، حيث كشف لنا عديد منهم أنهم يحملون سلطات البلدية كل المسؤولية، على اعتبار أنها لم تحرك ساكنا للقضاء على الفوضى السائدة، إذ لا يعقل - حسب رأيهم - أن يغلق شارع بأكمله وتعرقل حركة المرور، في حين تلتزم السلطات المعنية الصمت ولا تتخذ أي إجراءات لتسهيل حركة السيارات والمركبات لو لم يكن هناك أشخاص متواطئون ومستفيدون من الوضع الجديد. وفي نفس السياق أبرز هؤلاء التجار أن حياتهم تحولت إلى جحيم بسبب الظروف الصعبة التي صاروا يشتغلون فيها والمعاناة اليومية الناجمة عن تصرفات الباعة الخارجين عن القانون، بحكم عدم امتلاكهم لسجلات تجارية وتهربهم من دفع الضرائب للخزينة العمومية، فهم يحققون من أرباح ما يعجز عن تحقيقه أصحاب المحلات، الذين يعانون من ارتفاع الأعباء الخاصة بالكهرباء والغاز والماء والكراء، إضافة إلى صعوبة تسويق منتوجاتهم، بسبب المنافسة التي يفرضها خصومهم التجار غير الشرعيين. وفي سياق متصل، عبر عديد التجار الذين تحدثنا إليهم عن سخطهم من تصرفات الباعة الفوضويين الذين أثروا على مردودهم وأرباحهم ببيع سلعهم بأثمان منخفضة مقارنة بأسعار السوق، في ظروف صحية كارثية وتحت أشعة الشمس أمام مرأى الهيئات المعنية، التي لم تتخذ الإجراءات الردعية المعمول بها. أما سكان حي بولعتيقة فقد عبروا عن امتعاضهم من بائعي الدجاج بالسوق المجاور للحي الذين حولوا مساحات واسعة إلى مزبلة تحوي فضلات الدجاج ودمائها، ما أدى إلى تعفن محيط الحي وانتشار الروائح الكريهة والحشرات به، وفي هذا الصدد يطالب سكان الحي المذكور من السلطات المحلية التدخل الصارم والعاجل لمواجهة هذا المشكل الذي أرق مئات العائلات، لاسيما في ظل الارتفاع المتواصل لدرجة حرارة الجو، وهذا بتحويل بائعي الدجاج إلى مكان آخر بعيدا عن السكان.