يتجه اليوم نحو 50 مليون ناخب مصري للتصويت في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية المصرية لاختيار رئيس الجمهورية الاول بعد ثورة 25 يناير، التي أعقبتها فترة انتقالية تحت حكم المجلس العسكري دامت سنة ونصف و تطوي آخر صفحتها بتوجيه أكبر صفعة لجماعة الإخوان المسلمين بعد حل مجلس الشعب. نجح المجلس العسكري في عزل الإخوان المسلمين عن باقي أطياف الشعب والتيارات السياسية ووجدت الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي محمد مرسى نفسها وحيدة في ميدان التحرير بعدما قاطع الشعب المصري الدعوة التي نادت إليها جماعة الإخوان المسلمين للخروج فى مليونية صناديق الانتخاب وذلك عقب صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان وعدم دستورية قانون مباشرة الحقوق السياسية المعروف إعلاميا ب ”العزل”. وساد الهدوء الحذر في مصر عقب إعلان المحكمة الدستورية حكمها المفاجئ الذي قضى بحل مجلس الشعب المصري الذي كانت تسيطر عليه التيارات الإسلامية وتفسر حالة اللامبالاة التي عمت شوارع مصر عقب قرار حل مجلس الشعب الحجم الحقيقي لمدى غضب الشارع المصري من أداء مجلس الشعب المصري المنتخب بإرادة شعبية وكان المصريون يأملون في أن يخفف البرلمان من حدة قبضة المجلس العسكري خلال المرحلة الانتقالية التي شهدت العديد من أعمال العنف والمواجهات وأعمال الشغب التي راح ضحيتها مئات من الشباب المصري كما لايزال العديد من النشطاء يقبعون في المعتقلات والسجون بعد أن تم تقديهم للمحاكمات العسكرية، كما تشير التقارير إلى أن 16 ألف مدني تمت محاكمتهم محاكمة عسكرية، فضلا عن أحداث القتل وأشرها مذبحة ماسبيرو، كما أن المرحلة الانتقالية شهدت حرق أكثر من عشرين كنيسة وانفلات أمني خطير على مستوى جميع محافظات مصر. ولم يكن الحكم بعدم دستورية قانون العزل سيمكن الفريق أحمد شفيق من الاستمرار في سباق الرئاسية لو تم إقراره، ويعتبر الحكم ببطلان المشروع الذي أعده البرلمان المصري مفاجأة حقيقة خصوصا وأن مجلس الشعب المصري الذي لم يمض على تشكيله سوى ستة أشهر ويجمع السياسيين أن الحكم بحله يعد ضربة مزدوجة للإخوان المسلمين سواء لموازين السلطة التشريعية التي عادت مجددا إلى المجلس العسكري بعد حل البرلمان وبين حظوظ المرشح الإخواني محمد مرسي الذي باتت حظوظه فعلا تتجه نحو التراجع مع تأكد أن المجلس العسكري لن يتنازل عن الفريق أحمد شفيق. وتأتي جولة الإعادة ما بين مرسي وشفيق على ضوء حصولهما على أكبر عدد من أصوات الناخبين في الجولة الأولى للانتخابات التي عقدت يومي 23 و24 ماي الماضي وتنافس فيها 13 مرشحا، غير أن عدم حصول أيا منهم على الأغلبية المطلقة من الأصوات الصحيحة للناخبين المتمثلة في الحصول على 50 % من عدد تلك الأصوات زائد صوت واحد، هو ما ألزم بحكم القانون الدخول إلى جولة الإعادة. وتشكلت تنظيمات عقب إعلان نتائج الجولة الأولى تطالب بضرورة مقاطعة الجولة الثانية ورفعت التنظيمات شعار ”مقاطعون، مبطلون”. ويؤكد أنصار هذه الحملات أن المقاطعة باتت الطريقة الوحيدة أمامهم لحماية مصر من التعرض إلى انقلاب عسكري بالصناديق، كما يؤكد أحد النشطاء من أنصار حملة ”مقاطعون”: ”بعد أن برعت الذقون في تلويث ما تبقى من روح ثورة كانوا أول من ركبها واستفاد منها وهجرها وهاجمها والآن يطلب منها العون” في إشارة إلى محمد مرسي، مرشح الإخوان الذي يواجه أحمد شفيق الذي يوصف بأنه مرشح المجلس العسكري. ولعبت المؤسسة العسكرية المصرية دورا هاما في إرغام الرئيس السابق حسني مبارك على التنحي وبنص المادة 61 من الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري في 30 من مارس لعام 2011 يتوجب على المجلس العسكري تسليم السلطة بعد تولي كل سلطات الدولة لاختصاصاتها ومباشرتها لعملها في مجلسي الشعب والشورى وانتخاب رئيس الجمهورية ومباشرته مهامه من منصبه. ويتخوف شباب ”ثورة 25 يناير” من أن يتعرضوا للاعتقال والتعذيب في حال فوز الفريق أحمد شفيق خصوصا بعد صدور قانون الضبط الذي اعتمدته وزارة الداخلية والذي أعطى الحق لأي ضابط من وزارة الداخلية باعتقال أي مواطن يهدد الأمن العام سواء بالتظاهر أو المسيرات، وهي مؤشرات على ”بطش” المرحلة القادمة كما يجمع على ذلك شباب الثورة المشتتين بين الإيديولوجيات السياسية على عكس المشهد أيام الثورة العام الماضي؛ حيث اجتمع الشباب بمختلف توجهاتهم حول مطلب إسقاط النظام.