دخلت قاعة المكتبة في مقر جمعية العلماء ”في حياة المرحوم عبد الرحمن شيبان”، فوجدت بعض أعضائها المحترمين قد اعتراهم القلق ولم يجدوا جوابا لتأخر الشيخ السعودي عائض القرني، عن تشريفهم بطلعته البهية عليهم وقد وعدهم بالحضور، وهم بدورهم أعدوا له ما يليق بمقامه العظيم، فقلت لمحمد العلمي السائحي.. لن يشرفكم هذا الشيخ الذي لمعته أموال البترودولار وإن كان خالي الوفاض من عالم الأفكار بحضوره، لأننا نحن الجزائريين منذ دخولنا في عالم الوهابية من بابها الواسع قد أعطينا لهؤلاء المشائخ مكانة أكبر مما يستحقون بكثير، بل جعلناهم مرجعيتنا في الفتوى وحتى في إشاعة روح السلم والأمان في الوطن، فقد نسبنا إليهم عبر بعض جرائدنا الأكثر مقروئية وانتشارا وحصولا على الإشهار الفضل في عودة المسلحين من الجبال إلى أحضان المجتمع فسلموا أسلحتهم عن طواعية منهم بفضل شيوخ البترودولار، والكثير منهم حين حمل السلاح إنما حمله ضد وطنه بناء على فتاوى هؤلاء ”العلماء”، أما علمت يا شيخ السائحي أن عائض القرني هذا الذي رحتم تتشرفون باستقباله لا يعترف أصلا أن في الجزائر علماء حيث صرح بذلك في قناة المستقلة، وله مقال حول هذا الموضوع منشور في الأنترنت يقول فيه للجزائريين بروح من التحدي والتعالي ما فحواه: أخرجوا لنا عشرة علماء ضالعين ومتبحرين في علوم الدين؟”، فقال لي السائحي: أصدقك القول أنني لم أعلم بهذا المقال ولا بهذا التصريح.. والغريب أن عائض القرني لم يشرفهم بالحضور ولم يخرجوا من خلاله من الظلمات إلى النور؟؟ صغت هذه المقدمة بناء على ما نشره هذا الشيخ في إحدى صحفنا الميمونة الخميس الماضي تحت عنوان ”أنا سني حسيني” على طريقة سجع الكهان، فخلط فيه بين الدعوة إلى حب الحسين وبين الدعوة إلى عدم البكاء عليه، لأن قلوب الوهابية التي أشربت حب معاوية ويزيد، وفي الوقت نفسه تدعي حب السبطين قد جمعت في أوعية القلوب بين الماء والنار حيث تتحول الدموع إلى بخار وتبقى النار التي هي بلا نور مسيطرة في أفئدة وعقول هؤلاء على مصدر القرار، ”نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة”. وقد أورد أحمد القطان في كتابه عن محمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية وإحياء تراث ابن تيمية أن والد محمد بن عبد الوهاب قد رأى نارا خرجت من سرته قبل أن يرزقه الله بذلك الغلام العاق، وراح علماء الوهابية يعدون هذه الرؤيا من البشارات العظام على صلاح مذهبهم الميمون، ناسين أن والده صاحب الرؤيا تبرأ منه كما تبرأ منه أخوه سليمان في كتابه ”الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية”. وإذا كان هناك من تأويل يُذكر لهذه الرؤيا فليس إلا قوله تعالى{مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون* صم بكم عمي فهم لا يرجعون}، أي ذهب الله بنور تلك النار، وهو النور المحدود جدا الذي لم ينتشر حتى لتغطية أتباع محمد بن عبد الوهاب والآية في هذا غاية في الإعجاز..{فلما أضاءت ما حوله} فقط ولم يقل الله ما حولهم، لأن ذلك النور لم يصلهم ولن يصلهم ما داموا في تلك النار المظلمة، ومستوقد تلك النار أي مؤسس الدعوة لم ينتفع هو أيضا بالنور بل النور كان حواليه وليس في المكان الذي هو فيه، وترك لهم نارا مظلمة هم فيها لا يبصرون ما أنعم الله به على أولي الألباب من الانتفاع بالآيات والذكر الحكيم. هذا ما نجده في ظلمة نار مقال عائض القرني؛ حيث قال:الحسين لا يُمجد بضريح، ولا بالإسراف في المديح،لكننا نصدق في حبه إذا اتبعنا جده، وحملنا وده، وليس بأن نعكف عنده”. وهذا القول نفسه في عدم تمجيد الحسين بضريح يطبقونه على الرسول عليه وعلى آله الصلاة والسلام. ولايزال مشايخ الوهابية يطالبون السلطة بإزالة قبره الطهور من المكان الذي هو فيه الآن بدعوى أنه لا يجوز، كما أنهم حولوا بيت خديجة في مكة سلام الله عليها إلى مرحاض عمومي لايزال إلى غاية هذه الساعة حتى لا يعبده بزعمهم الناس، وحولوا المكان الذي ولد فيه عليه وعلى آله الصلاة والسلام إلى إسطبل للبغال والحمير فحملت الغيرة أحد الطيبين فبنى فيه مكتبة هي قائمة هناك تشريفا لصاحب دعوة ”اقرأ”. ولكن كهان الوهابية يطالبون اليوم بإزالتها.. أهذا هو الحب الذي يزعم عائض وجماعته الوهابية للرسول وآل الرسول؟،ويقف جلاوزة النظام في المدينةالمنورة لينهروا كل حاج من المغرب العربي الكبير أو من العراق وسوريا ومصر وإيران جاء ليتشرف بلمس قبر الرسول عسى تلك البركة التي تحيط به تلمسه فينهرونه، قائلين هذا شرك ولا يجوز. ويذهب ابن تيمية أبعد من ذلك فيفتي بعدم السلام على قبره صلى الله عليه وآله ويكفي المسلمين كما قال السلام عليه في الصلاة، وقد أمضى علماء عصر ابن تيمية من أهل السنة على بيان إدانته ومنهم الحنابلة جراء هذا التطاول على الرسول وعلى الذات الإلهية، كما قال ابن حجر الهيثمي، فمات في السجن مذموما مدحورا ولم ينتشر له منذ القرن الرابع عشر الميلادي، أي ذكر إلى غاية القرن الثامن عشر الذي صنعت فيه المخابرات البريطانية محمد بن عبد الوهابو كما جاء في مذكرات الجاسوس البريطاني المستر همفر للإطاحة بالخلافة بالتحالف مع آل سعود فعاد ابن تيمية من جديد بفتنه وجهالاته إلى الوجود. ونلاحظ هذه الجهالات في هجوم ابن تيمية في عصره على جابر بن حيان الذي يساوي نيوتن وباسكال فيصفه بالجهل، وأن كتبه كاسدة وكلها ضلال. كما نلاحظ عند الوهابيين بعد ذلك في القرن العشرين كفرهم بدوران الأرض وتكفير من يؤمن بدورانها، كما جاء في كتاب مفتي السعودية الشيخ ابن باز. هؤلاء الذين لا يقدسون أحدا كما يزعمون ولا يزورون أضرحة الأنبياء والأولياء ولا يؤمنون بالكيمياء ولا بالرياضيات، ويؤمنون فقط أن الأرض ثابتة مسطحة لا تدور ومحمولة على قرن ثور، يصل إيمانهم بالتوحيد الذي يجعلونه أولوية الأولويات في دعوتهم إلى مستوى التجسيم والتشبيه والحط من جلال الله الذي هو بكل شيء محيط إلى مستوى إله لا يرقى إلى درجة ”شانبيط” في صورة غلام أمرد ويركب الأحمرة والجمال. وهاك ما جاء في ميزان الاعتدال للذهبي ج1 ص513 عن حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس عن أبي رزين - مرفوعا:رأيت ربي بمنى على جمل أورق عليه جبة، وفي سير أعلام النبلاء للذهبي باللفظ نفسه، وهو الإله الذي يكشف عن ساقه يوم القيامة وهي الآية التي يعرفه بها المؤمنون فيسجدون له كما جاء في صحيح البخاري. وليت شعري كيف يرقى إيمان المؤمن الذي يؤمن بهذا الإله إلى مستوى شعورهم بأنه بكل شيء محيط وعليم؟. وفي الوقت نفسه تجدهم يقدسون علماءهم أكثر مما يقدس المسلمون أنبياءهم وأئمتهم، حيث أورد ابن كثير في البداية والنهاية أن المتعصبين لابن تيمية، حين مات شربوا الماء الذي غسلوه به”الغسالة”، وبيعت الطاقية التي كانت على رأسه بما يساوي ملايين الدولارات اليوم. وأوردت لجنة الفتوى في السعودية جواز بيع الغائط إذا طُلي برماد فقولوا لي بربكم من هو الذي يبيع الغائط المطلي بالرماد اليوم، اللهم إلا إذا تعلق بغائط شيوخ الوهابية على طريقة شرب غسيل جنازة ابن تيمية، فيصبح غائط القرني والباز وعلماء البترول والغاز من الأحجار الكريمة التي تصلح للتيمم والبخور وتصبح أبوالهم ربما وغسيلهم في درجة الماء الطهور. أنا أتحدى القرني هذا الذي يزعم أنه حسيني أن يُثبت لغيره الذي يرجح حبه عليه الإمامة بالقيام وغير القيام التي أثبتها الرسول للسبطين في الحديث الصحيح المشهور ”هذان إمامان قاما أو قعدا”، وهل هما من الأئمة الذين بشر بهم الرسول أمته كما جاء في البخاري أم ليسوا من الأئمة كما ذكر ذلك من سماه علم الأعلام ”شيخ الاسلام” ابن تيمية، وهو مخير بهذا التحدي أن يتبع شيخه ابن تيمية أو يكفر به ويتبع الرسول الذي نص على إمامتهما،كما أتحداه أن يعارض ويدين الفتوى التي طلع بها علينا مفتي السعودية ”آل اشيخ” الذي قال إن يزيد بيعته شرعية أخذها شرعية من أبيه”، وأتحداه في الأخير أن يشرح عبر الجريدة التي كتب فيها المقال كيف سرق بنسبة 90 في المائة من كتابات الأستاذة سلوى العضيدان ليؤلف بها كتابه ” لا تيأس”، وكيف أدين كما جاء في صحيفة البوابة 25 كانون الثاني/ يناير 2012م؟ وكيف سرق ديوان أحد الشعراء المصريين؟ وكيف وكيف؟ ”وصلت قضية اتهام الداعية السعودي عائض القرني ب”سرقة” كتابه ”لا تيأس” إلى محطة مهمة، أول من أمس، إذ ”قضت لجنة حقوق المؤلف في وزارة الإعلام (السعودية) بتغريم القرني 330 ألف ريال، في القضية التي تقدمت بها الكاتبة السعودية سلوى العضيدان اتهمته فيها بالاعتداء على حقوقها الفكرية”، وفق موقع ”العربية نت”. وتضمن الحكم كذلك سحب كتاب ”لا تيأس” من الأسواق، ومنعه من التداول، ووضعه بشكل رسمي على قائمة المنع حتى لا يدخل إلى السعودية. وكانت سلوى العضيدان قد اتهمت القرني ب”السطو” على صفحات كاملة من كتابها ”هكذا قهروا اليأس” الصادر عام ،2007 وضمّنها كتابه الشهير ”لا تيأس”، مؤكدة أن الموضوع يتجاوز الاقتباس، أو حتى التأثر العادي بالفكرة والأسلوب، معربة عن استيائها الشديد من ذلك، إذ إن من أوائل من أهدت إليهم كتابها بعد صدوره مباشرة كان الداعية عائض القرني. وفي السياق نفسه أثارت هذه القضية زوبعة أخرى فأعلن أحد الشعراء الصعاليك مثلي أن عائض القرني استولى على ديوانه الشعري كله وهذا ما جاء في النشرية الالكترونية لمنتديات المغرب العربي ”أكد الشاعر المصري سمير، فراج أن القرني سرق كتابه ”شعراء قتلهم شعرهم” الذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 1997 ونسبه لنفسه تحت عنوان ”قصائد قتلت أصحابها”، مشيرا إلى أنه اكتشف السرقة منذ ما يزيد على 6 سنوات، إلا أنه لم يكن يجد وسيله لمقاضاة القرني حتى جاءت قضية العضيدان ومنها أحس فعلا بنزاهة القضاء السعودي الذي أنصف الكاتبة سلوى العيضدان، وهو ما شجعه على رفع القضية للمحاكم السعودية”.