عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: قال الله عزّ وجلّ كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل، فإن شاتمه أحدí أو قاتله، فليقل: إنّي صائم مرّتين. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك. وللصائم فرحتان يفرحهما: ”إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه” رواه أحمد ومسلم والنسائي. وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”الصّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصّيام أي ربّ منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني به. ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيُشَفّعان” رواه أحمد بسند صحيح. اعلم أنّ في الصوم خصيصة ليست في غيره، وهي إضافته إلى الله عزّ وجلّ حيث يقول سبحانه: ”الصوم لي وأنا أجزي به” وكفى بهذه الإضافة شرفا، كما شرف البيت بإضافته إليه في قوله: (وطَهِّرْ بَيْتَي) الحج 26. وإنما فضل الصوم لمعنيين: أحدهم: أنه سرّ وعمل باطن، لا يراه الخلق ولا يدخله رياء. الثاني: أنه قهر لعدو الله، لأن وسيلة العدو الشهوات، وإنما تقوى الشهوات بالأكل والشرب، وما دامت أرض الشهوات مخصبة، فالشياطين يترددون إلى ذلك المرعى، وبترك الشهوات تضيق عليهم المسالك.