ستضطر الحكومة إلى اللجوء إلى إعادة بعث العديد من الضرائب في إعداد ميزانية السنة المقبلة، لتغطية حجم الإنفاق العام والمحافظة على قيمة الكتلة النقدية في الخزينة العمومية لضمان إتمام تجسيد المخططات التنموية المقررة في البرنامج الخماسي، وتوقيف بالمقابل جميع الإجراءات المتعلقة برفع الأجور أو مراجعة منح موظفي القطاع العام. وتتجه خطة التقشف الحكومي التي أشارت إليها وزارة المالية في مراسلتها مؤخرا إلى الدوائر الحكومية، إلى فرض أعباء جبائية تحملّت خزينة الدولة تغطيتها خلال السنة الماضية، من منطلق أن قانون المالية لسنة 2012 لم يتضمن ضرائب جديدة على المواطنين أو على النشاطات الاقتصادية على حد سواء، وهو الإجراء الذي لم يكن من منطلق دراسة اقتصادية وإنما لأبعاد اجتماعية، تتعلق بالدرجة الأولى بالأحداث التي تزامنت و"الربيع العربي" في الدول الجارة بسبب غلاء المواد الغذائية، ما يجعل الحكومة بين إعادة فرض الضرائب السابقة وسياسة الدعم الخاص بالمنتوجات حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين. وفي هذا الشأن، قال الخبير المالي المفوض العام السابق لجمعية البنوك والمؤسسات المالية، عبد الرحمان بن خالفة، أن الحديث عن توجه الحكومة لفرض رسوم جبائية إضافية على المواطنين غير ممكن حاليا، على اعتبار أن ذلك يرتبط بفحوى التقارير التي سترفعها الوزارات إلى الوزارة الأولى، من اجل الاستناد عليها لوضع الميزانية تبعا لحجم المداخيل ومستويات الإنفاق، ضمن المنظومة الاقتصادية الشاملة. وأشار المتحدث، في اتصال مع "الفجر"، إلى عدم التنبؤ بشكل دقيق بالوضعية المالية خلال سنة 2013، أو تأثير فرض الرسوم على الأنشطة الاقتصادية للمؤسسات، بالنظر إلى ارتباط ذلك بمعطيات اقتصادية غير متوفر في الوقت الحالي، ضرورية لتقييم ودراسة ذلك. ومن جهته، حذّر الخبير في الشؤون الاقتصادية فارس مسدور من تبعات اعتماد الاقتصاد الوطني على مدخول المحروقات على حساب الإنتاج الصناعي والفلاحي الذي لا يتجاوز نسبة 3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وأكد المتحدث على خطورة هذه الوضعية على المدى المتوسط، بالرغم من انه استبعد أن تعرف أسعار البترول تراجعا كبيرا خلال الأشهر القليلة المقبلة، حيث توقع أن تعود إلى مستوياتها، ما فوق 100 دولار مع دخول فصل الشتاء، متأثرة ب"الأزمة" في منطقة الشرق الأوسط لاسيما في إيران وسوريا، التي ستدفع حجم العرض في السوق الدولية إلى التراجع بالمقارنة مع مستوى الطلب، دون حاجة منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" الى خفض الإنتاج لضمان استقرار الأسعار.