أفضت تحليلات خبراء الشؤون الاقتصادية، إلى ضرورة تغيير سياسة التعامل التجاري وتخفيض الرسوم والضرائب المفروضة على منتجي المواد الأساسية، من قبل الحكومة الجزائرية، مع إدراج سلع أخرى ضمن قائمة المنتجات المدعمة من طرف الدولة. وفي تصريحات أدلى بها خبراء مهتمون بالشأن الاقتصادي، أكدوا أن ما يحدث على الصعيد الاجتماعي، ناتج عن تلاعبات بارونات السوق بالأسعار، وعدم الامتثال لإجراءات الحكومة وقوانين التجارة المعمول بها، وعدم خضوعهم للاتفاقيات الجماعية المبرمة بين المنتجين والموردين ووزارة التجارة، وأشاروا إلى ضرورة إحكام الحكومة لقبضتها في مراقبة الأسعار المتداولة على مستوى أسواق الجملة، ومراقبة أسعار الاستيراد والفاتورات الخاصة بعمليات الشراء من الخارج، إلى جانب تتبع عملية الشراء وبلد المنشأ والمصدر الأجنبي لتحديد حجم التكاليف والأسعار المبرمجة للبيع، ومقارنتها بالأسعار المفروضة على المستهلك الجزائري عند البيع. وبالرغم من إقرار رسالة القرض المستندي في عمليات الاستيراد والتصدير، إلا أن الخبراء يؤكدون تواصل تلاعبات البارونات ومحتكري المنتجات في الأسواق المحلية، من خلال تضخيم الفاتورات مع متعاملين أجانب من البلدان التي تصدر للجزائر. وبخصوص الحلول الواجب أن تعمل بها الحكومة، فيقول الخبير بوزيدي، في تصريحاته، إن الجزائر ملزمة بمراجعة سياستها الاقتصادية، وإعطاء فرصة للشباب من أجل إشراكهم في بناء استراتيجيات المستقبل، دون الاحتكام فقط إلى جيل الثورة؛ فيما أعاب الخبير مبتول، على الدولة فرضها للرسوم الجمركية على المواد الأولية، لا سيما القادمة من أوروبا، بالرغم من أن الجزائر لا تمتلك آليات الإنتاج ولا ذخيرة مواجهة لهيب الأسعار في كل مرة. وهو ذات رأي الخبير فارس مسدور، الذي ربط استفاقة الجزائر بالاستثمارات المحلية، وإقامة صناعات تحويلية تجمع القطاعات الفلاحية والصناعية والتجارية في مخطط تنموي موحد، يكون أساس تكوين ودمج الاقتصاد المحلي في الاقتصاد الدولي. ودعا رئيس مجمع سفيتال، إسعد ربراب، الحكومة في هذا السياق، السماح له بإقامة تجربة زراعة مادة عباد الشمس لإنتاج زيت غذائي محلي 100 بالمئة، بالموازاة مع توظيف الفلاحين في هذه الشعبة، مؤكدا أن عائداتها التصديرية فيما بعد ستصل إلى 1 مليار دولار خارج المحروقات، فضلا عن التغطية الشاملة للطلب الوطني. ولا يزال المنتج المحلي يطالب بأحقيته في تجريب كفاءاته وتذليل الصعاب له ومنحه الترخيص للاستثمار، مقابل تخفيض الرسوم والضرائب خلال مدة أقصاها 5 سنوات من بداية الاستثمار، لتغطية التكاليف وربح منتوج محلي فيما بعد. ويرى المحللون ضرورة أخذ العبرة مما حدث بعد موجة الاحتجاجات، وصياغة قوانين ومراسيم تنفيذية تتماشى والقدرات الوطنية، سواء بالنسبة للموردين والمصدرين، أو بالنسبة للمنتجين والمواطن، ولا بد أن تراجع الجزائر قيمة الرسوم الجمركية المفروضة، حيث تم إلغاؤها نهائيا بليبيا، واستقال الرئيس التونسي، بن علي، بعد تأجج الشارع، وتم تعويض التجار بالمغرب الأقصى، مثلما فعلت الجزائر.