يتناول الكاتب والإعلامي محمد بغداد، في كتابه الصادر حديثا عن منشورات ذاكرة الناس، الموسوم ب"دماء الصحراء"، والذي جاء في 5 فصول و210 صفحة أوضاع الساحل الإفريقي والأزمة التي تشتد يوما بعد يوم من خلال إعطاء مقاربة، وتقديم محارب شرك وأوثان سياسة، وكذا استراتيجيات الترهيب، قاعدة الدم المسفوح، أنصار دين، جهاد الرؤية، تحرير قبيلة.. يعالج الكاتب محمد بغداد انطلاقا من هذه المعطيات خطر الساحل مقدما خلاصة مسار الجماعات المسلحة الإسلامية ومواجهاتها مع الأنظمة الحاكمة في الوطن العربي والإسلامي، بالإضافة إلى تصوير الأزمة التي لم تعرف مخرجا لحد الآن نتيجة حبَ السيطرة وجري الجماعات وراء مصلحتها. ويرى محمد بغداد في كتابه "دماء الصحراء"، أنَ الأزمة في الساحل الإفريقي لا يمكن أن تنتهي وفق كل الاحتمالات الواردة سواء تدخل الغرب عسكريا، أو سواء قضت حكومات المنطقة على قادة الجماعات المسلحة، أم ألقت عليهم القبض. وضمن محمد بغداد العمل صورة مقاربة لبعض النماذج في العالم التي عرفت الإرهاب وتدهور حالها الاجتماعي والإنساني والاقتصادي، حيث يعتقد أنَ منطقة الساحل ستكون النموذج الجديد لهذه المناطق في المستقبل، ومن هنا يجعل الأزمة محصورة بين القسم الجهادي الذي يسيطر على ضعاف القوم والناس وبين الهواجس الأمنية التقليدية المسيطرة على منطقة الساحل. كما أجرى الكاتب في" دماء الصحراء" مسحا لجغرافية وتضاريس الساحل وكذا قراءة الأوضاع الأمنية، حللَ فيها حركة وحالة الكتل المسلحة هناك كأنصار الدين، التي تمزج بين الثقافة الدينية وطموحات معيشة إنسان الساحل، وحرمة تحرير الأزواد التي يعتبر مصيرها بمثابة مصير الحركة الكردية في شمال العراق كونها تعاني تطرفا في مطالبها الانفصالية، وتليهما حركة التوحيد و الجهاد التي يمكن أن تكون خطرا حقيقيا على استقرار المنطقة بالنظر إلى الأساليب التي تعتمدها في التعامل مع الفئات الاجتماعية التي تشكل نسبة قليلة في المنطقة، حيث يتنبأ باضمحلال القاعدة في بلاد لمغرب الإسلامي انطلاقا مما يحدث داخل هذه الحركات والصراع الدائر حول السيطرة و تقلد الحكم، بالإضافة إلى رغبة الجميع في نزع هذا العنوان من الساحة. ومن خلال التحليل الذي قدمه بغداد فانه يدق ناقوس الخطر مفاده أن الخاسر الأكبر هو حكومات المنطقة التي تعتمد بشكل كامل على الدول الغربية في تسيير شؤونها وفي اقتصادها وفي السياسة العامة لها، حيث من المحتمل أن يؤدي هذا إلى زوالها لأنها لا تملك التصور الحقيقي لإدارة الأزمة والخروج منها سليمة معافاة.