تتحضر «دار الحكمة» لطرح كتاب جديد للباحث محمد بغداد يحمل عنوان «دماء الصحراء.. حروب القاعدة في الساحل الإفريقي»، حيث يتناول أزمة منطقة الساحل الإفريقي التي تتعاظم يوميا ويتوسع الجدل السياسي والإعلامي بشأنها، مما جعلها القضية الأولى والأزمة الكبرى في الشمال الإفريقي، وهي الأزمة التي تكاد تعصف بعدد من دول المنطقة، كانت في مقدمتها مالي. وانهارت هذه الدولة بسبب عدة عوامل منها فعل الجماعات المسلحة في منطقة الشمال. ويعد الكتاب مقاربة منهجية، تحاول الاقتراب من ميدان المعارك، ولكن ليس من الزاوية العسكرية والأمنية، ليذهب الكاتب إلى دراسة السلوك السياسي لأطراف الأزمة المؤثرة، في تداعياتها وهو السلوك الذي يتم تناوله في هذه الدراسة، قائم على خلفيات هذه السلوكات والمرجعيات التي يقوم عليها وتفرزها مفاهيمه المؤسسة، سواء تلك المنتمية إلى الثقافة الإسلامية أو الثقافة الغربية، ويتم ذلك على أسس منهجية علمية حديثة. ولا يخرج كتاب «دماء الصحراء» عن إطار المتابعة الإعلامية للعاملين في مجال الإعلام، ولكن ليس من الزاوية المهنية لتتبع الأخبار والأحداث الجديدة، كما لا ينزع إلى التأويل والاستشراف الذي فيه تخيل وتخمين، ولكن تفكيك للخطاب الإعلامي المتداول حول الأزمة، والذي يقول عنه محمد بغداد إنه خطاب مبستر ومجزء، لا يعطي القضية حقها من الوضوح والفهم، الذي يمكن المتتبع لها من الوقوف على الاقتراب الجيد والقريب من الموضوع. من ناحية أخرى، يذهب الإعلامي محمد بغداد، في كتابه الجديد إلى تتبع أزمة الساحل الإفريقي برمتها، ويؤكد أنها ليست منحصرة في شمال مالي، بل تمتد من الصومال شرقا وتصل إلى نيجيريا غربا، مما يجعلها أوسع بكثير مما يتصور البعض من الذين يعتقدون الجماعات المسلحة منحصرة نشاطاتها وسلوكاتها في منطقة محدودة، ويمكن تجنب ذلك بتكاتف جهود الأطراف المعنية بالموضوع، وبالذات دول المنطقة والقوى الدولية، التي لها مصلحة في المنطقة. وينتقد الكتاب بشدة ويحمل على الكثير من الخطابات المتداولة والسياسية التي تتناول القضية ويدعو إلى الإسراع في تناول قضايا الأمن القومي، وما يتعلق بالملفات الكبرى للوطن إلى إشراك القوى الحية في المجتمع، والمثقفين والمؤسسات، والابتعاد عن المواقف والقرارات التي تقوم على الإلهام.