قالت تقارير صحفية آتية من مختلف شواطئ البلاد، إن أعداد الحراڤة الظاهرة المقيتة، في تزايد مستمر، وزادت حدة في الأيام الأخيرة، آخرها إفشال محاولة 16 حراڤا بلوغ شواطئ أحلامهم، أول أمس، بشاطئ رأس الحمراء بعنابة. تفشي الظاهرة ربطه المتابعون بحملة القضاء على الأسواق الفوضوية التي باشرتها وزارة الداخلية في الأسابيع الأخيرة، محاولة القضاء على الاقتصاد الموازي، الذي أضر كثيرا بالاقتصاد الوطني، إذ وفي كل مرة تتخذ السلطات إجراءات للقضاء عليها، إلا والتهب الشارع، ولجأ المعنيون بالإجراءات إلى الاحتجاجات والتظاهر بالحرق والتكسير والفوضى، خاصة في الفترة التي عرفت اندلاع أحداث ما بات يعرف بالربيع العربي، تجد السلطة نفسها مجبرة على التراجع، وتأجيل تطبيق القوانين تحاشيا لتفاقم الأوضاع الأمنية. لكن يبدو هذه المرة أن السلطة جادة في المضي في تجسيد هذه الإجراءات، بعدما ظهرت الأجندة الحقيقية لثورات الربيع العربي، بحيث لم تعد تخيف السلطات الجزائرية، وهو أمر صحي، لأن القضاء على الأسواق الفوضوية خيار صائب، شرط أن يرفق هذا الإجراء بحلول بديلة وأن توفر السلطات بدائل قانونية لهؤلاء التجار، لأنهم حتى وإن كانوا ينشطون بطرق غير شرعية، فإنهم يلبون نسبة من حاجة المواطنين، ما يعني أن الأسواق الرسمية ستكون عاجزة عن توفير طلبات الزبائن، زيادة على أن الأسعار ستعرف ارتفاعا من جديد، لأن السوق الموازي كان يجبر التجار الرسميين على احترام مستوى معين من الأسعار، لأن التاجر الفوضوي لم يكن يدفع ضرائب، ولا إيجار لمحله، بل إنه ليس لديه محل أصلا، ولا فواتير أخرى، ما يجعله يتحكم أحسن في مستوى الأسعار مقارنة بالتاجر القانوني. وزير التجارة وعد بتوفير محلات قانونية وفي أقرب الآجال لكل من مسهم إجراء القضاء على الأسواق الفوضوية، لكن الوعود لا تكفي، بل يجب الإسراع في تجسيدها، حماية لأرواح الشباب الذين بدأوا يلقون بأنفسهم في البحر ومخاطره والخريف على الأبواب. فليست إجراءات تجريم الحراڤة ما سيمنع الآلاف من الشباب البطال من خوض المغامرة، ما دام الموت وأهوال البحر لم تخفهم. وليكن هذا الإجراء من أولوية أولويات حكومة سلال التي منحها الرئيس صلاحيات واسعة والثقة، فلتسهر على إيجاد حل شامل للظاهرة، ظاهرة القضاء على الأسواق الفوضوية، وظاهرة القضاء على البطالة، وفتح آفاق حقيقية أمام أبنائنا، الطريقة الوحيدة لتفادي تفاقم ظاهرة الحراڤة التي أضرت بسمعة دولة في عظمة الجزائر، وبإمكانيات الجزائر؟!