مع اقتراب الآجال القانونية لإعداد القوائم الإنتخابية للمحليات المقبلة، عادت ممارسات العروشية من جديد في تحديد نوعية القوائم كأول اعتبار قبل الانتماء السياسي، وهذا ضمانا لمردودية التصويت يوم الاقتراع. شهادات متطابقة من مناضلي من حزب جبهة التحرير الوطني ”للفجر”، فإن العديد من محافظي الحزب ورؤساء القسمات بولايات مثل الجلفة، المسيلة، سعيدة والنعامة، والمناطق الجبلية بمنطقة الأوراس على وجه العموم، سبق فيها عامل العرش في إعداد القوائم الإنتخابية، وهذا ضمانا لنجاح الشخص الذي ينتمي لذلك للعرش المسيطر على المنطقة. وأضافت المصادر ذاتها، أن طبيعة التركيبة البشرية لتلك المجموعات فرضت هذا الاعتبار، الذي يحكم منذ سنوات عديدة، حتى وإن تراجع في المدن التابعة للولايات السابقة الذكر، غير أنه لا يزال راسخا ومكرسا بشكل كبير في الدواوير والمداشر و لقرى والمناطق الجبلية والأرياف بصفة عامة، حيث يحل مجلس العرش مكان القسمة ويلعب دورا في تزكية الشخص. وأكد مناضلو الأفلان، في توضيحاتهم الخاصة بهذا الأمر، أن الأحزاب عادة ما تخضع لكلمة العرش وتزكي مرشحه، لان ذلك يضمن لها الفوز الأكيد و نادرا ما تدخل في مواجهة مع هذه التركيبات الاجتماعية. فضلا عن هذا، فإن طبيعة الأشخاص الذين تزكيهم الأعراش عادة ما يكونون ذوي سمعة جيدة ويحضون بإجماع المجلس والقرية، ويكونون من ذوي السيرة الحسنة والصيت الاجتماعي وسط المنطقة. وحتى وإن كان منطق العروشية في نظر مناضلي الأفلان، من الممارسات التي من المفروض أن لاتصل إلى المجال السياسي ويبقى دورها منحصرا في الجانب الاجتماعي والديني، غير أن المناضلين اعتبروه دعامة في وجه أصحاب الشكارة والمال الوسخ، كون اعتبار الانتماء للعرش يعلو فوق أي اعتبار ما يحول دون وصول أصحاب المال الوسخ والشكارة إلى القوائم الإنتخابية بطريقة سهلة، وهو الأمر المكرس مثلا في بعض قسمات الآفلان بالولايات الكبرى. نفس الممارسات تتكرس بجبال الأوراس، أين تحكم الكثير من العروش قبضتها على الحياة السياسية ولا ترضى بتقديم مرشح العرش، خاصة في ولايتي خنشلة وأم البواقي وبدرجة أقل بولاية باتنة، ونادرا ما يتراجع المناضل الذي ينتمي للعرش الأقل تمثيلا في المنطقة عن خوض المنافسة ويترك المجال للأقوى. وقال مناضلو الأفلان، أن تحكيم العرش ليس استثناء على الحزب العتيد، بل هو قاعدة تسير به جميع الأحزاب السياسية، بما فيها التي لا تؤمن بهذه الفكرة أصلا ولا تتبناها في أدبياتها السياسية، مثلما هو الحال لحزب العمال مثلا، حيث ركز على ”كلمة الشعبية” بدل العروشية في إعداد قوائمه الإنتخابية بولاية الجلفة مثلا وهذا حفاظا على المصالح الإنتخابية.