لا تخلو تركيبة مختلف القوائم الانتخابية المرشحة لخوض غمار الانتخابات التشريعية بولاية الجلفة، من رائحة طعم العروشية وفق منطق ''واش تسوى وما هو ميزان شعبيتك في عرشك''، بدرجة أولى، فيما اعتمد مقياس اختيار المرشحين على أساس التقسيم الجغرافي بدرجة ثانية. هذان عاملان سعت مختلف الأحزاب لأعداد قوائم مرشحيها على أساسهما''، حيث لا فرق فيها بين ديمقراطيين أو إسلاميين ما دام الهدف واحد هو كسب أصوات المنتخبين، إذ ذابت مختلف البرامج التي تتباهى بها هذه الأحزاب على اختلاف توجهاتها الإيديولوجية، كونها تعلم أن المواطن لا يؤمن أصلا بما تدعيه من شعارات بسبب ابتعادها عن انشغالاته اجتماعية لا أكثر ولا أقل. ولا تختلف القوائم الانتخابية بولاية الجلفة كثيرا عن بعضها البعض، بقدر ما تشترك في عوامل إعدادها. فأغلب القوائم الحرة أو حتى الحزبية اعتمدت في اختيار مرشحيها على الضرب على وتر العروشية، حيث تم انتقاء متصدري القوائم على وجه الخصوص على مدى تآزر أبناء العرش مع ممثلهم والاستعداد للتصويت عليه، وإذا كان هذا المعيار متوقعا بالنسبة للقوائم الحرة، فإن ما كان غير متوقع هو انسياق الأحزاب التي تدعي بأنها ذات برامج شاملة من شأنها استقطاب أصوات المواطنين كما هو الشأن بالنسبة للأرندي والأفالان والأفافاس وحمس والإصلاح والأفانا وحزب العمال، وهي أحزاب لها مسار سياسي طويل عكس باقي الأحزاب الجديدة. ويجري في الجلفة اللجوء إلى جلب أشخاص انتموا سابقا للفيس، وصولا إلى استعطاف أنصار وأتباع هذا الحزب المحل بالنسبة للأحزاب ذات التوجه الإسلامي، في الوقت الذي تم فيه الاعتماد على أشخاص ممن أصولهم قبائلية طمعا في الاستفادة من أصوات المواطنين المنتخبين، والذين ينحدرون من منطقة القبائل مثلا أو اختيار شخصيات لتصدر القائمة تكون على أساس عروش الولاية بداية من: نائلي ورحماني وسحاري وعبازيز، ويتم تضييق عملية الاختيار في العرش الواحد للوصول إلى أكبر فرقة في العرش. وهكذا تتواصل أسماء المرشحين، ما أدى إلى زوال جميع الفوارق الفكرية والبرامج، حيث تباينت قوائم مختلف الأحزاب وعلى اختلاف إيديولوجياتها وأفكارها ومذاهبها. وقد استفحلت بحكم هذا الوضع، مظاهر الجهوية والولاء غير الطبيعي لابن العرش، وهي أعراف يرفضها القانون والدين، وتتم على حساب برامج الأحزاب، فالمواطن البسيط أصبح ينفر من خطاب المرشحين الذين لا يراهم بعد انتخابهم. ومن ناحية أخرى اعتمدت بعض الأحزاب في اختيار ممثليها على عامل التمثيل الجهوي الجغرافي، بترتيب منتخبيها على أبرز الدوائر والبلديات الأم التي ينتمون إليها، دون إغفال التعداد السكاني لهذه المدن، حيث يظهر ترتيب المترشحين بداية من متصدر القائمة من أكبر مدينة تعدادا سكانيا يكون من عاصمة الولاية، ثم عين وسارة فمسعد. إلخ وهكذا يتواصل الأمر إلى باقي المرشحين، أما القوائم الحرة فالبعض منها سلك منهج الاعتماد على المال كعامل لتبرير قدرة المعني على التكفل بمصاريف وتكاليف الحملة الانتخابية.