أثناء إعدادي للطبعة الأولى من الملتقى الوطني فرانس فانون بالطارف، حاولت أن أدعو أكبر عدد ممكن من رفاقه وزملائه واجتهدت قدر المستطاع في اختيار الشخصيات التي يمكنها التحدث عن المناصل الكبير فرانس فانون بأريحية وعن معرفة بشخصه، وكان اسم المجاهد ورئيس الحكومة الأسبق رضا مالك على رأس القائمة، ثم اقترح علي الدكتور زبير عروس، أستاذ علم الاجتماع، اسم المناضلين بيار وكلودين شولي، اتصلت بهما بفعلا وكان لمداخلتيهما الأثر البالغ في الملتقى، خاصة وأنهما كان من بين من حضر عملية دفن فانون بمنطقة سيفانة على الحدود الجزائرية - التونسية، قبل أن تحوّل رفاته لتدفن من جديد بروضة الشهداء ببلدية عين الكرمة ولاية الطارف، وهذا بعد الاستقلال، استعملا (الداتاشو) وعرضا صورا كثيرة عن عملية الدفن متبوعة بشرح مستفيض عن علاقتهما بالرجل وبزوجته الأولى وعن مرضه وفترة علاجه بواشنطن وعن وصيته بدفنه في التراب الجزائري الذي ناضل من أجل تحريره، وكان من المنظرين البارزين لثورته، يمكن أن أقول أن نجاح تلك الطبعة من الملتقى كان بفضل حضور هذين المناضلين الكبيرين اللذين اختارا الحق وانحازا إلى الشعب الجزائري، وآثرا التموقع مع ناشدي الحرية والاستقلال على الانحياز لوطنهما الأصلي (فرنسا).. استمرت علاقتي بهما وكنت أزورهما باستمرار وأدعوهما لحضور فعاليات ملتقى فرانس فانون، أدركت مدى حبهما للجزائر والجزائريين ومدى تفانيهما وإخلاصهما في عملهما واستعدادهما لتقديم شهادتهما حول كل ما عايشاه أثناء الثورة التحريرية المباركة وبعد الاستقلال. وبفقدان الأستاذ الكبير بيار شولي، تفقد الجزائر صديقا حميما وتفقد الإنسانية رجلا من طينة نادرة، نذر حياته من أجل كرامة الإنسان وحريته.. فأصدق التعازي وأخلصها للسيدة كلودين شولي ولرفاقه من المناضلين والمجاهدين وتحية لكل أحرار العالم الذين وقفوا مع ثورتنا المباركة وانتصروا للقضية الجزائرية، وما بدلوا تبديلا...