رحلت، أمس، إلى الرفيق الأعلى، المناضلة والمجاهدة مامية شنتوف عن عمره ناهز 90 سنة (من مواليد 1922 بضواحي تلمسان) بعد صراع مرير مع المرض أدخلها إلى غرفة الإنعاشa ثلاث أيام بعد أن غادرنا المجاهد بيار شولي، غادرتنا أمس، صديقته المناضلة مامية شنتوف التي تنحدر من عائلة بسيطة شربت النضال منذ الصغر. واصلت مامية تعليمها الثانوي بمعسكر من 1935 إلى 1942، بدأ اهتمامها بالنضال النسوي منذ سن 16 عندما اختارت موضوع دراسي غير مطروق من قبل "كيف يمكن أن تفكر النساء المسلمات في تحررهن". وقد حصلت المراهقة يومها علامة 17 من عشرين أمام ذهول كل زملاء القسم وحصدت تهاني أستاذها الذي لم يسبق له أن منح علامة فوق 13 قبلها، وجهها والدها لدراسة "طب النساء" حتى صار قابلة. التحقت في 8 نوفمبر 1942، بجامعة الجزائر وأنهت دراستها في طب النساء وكانت أول من فتح عيادة في القصبة. وعلى غرار والدها تأثرت مامية بأفكار حزب الشعب الجزائري، في عام 1943 شاركت في أول خلية "لأحباب البيان والحرية" التي احتضنتها الجامعة وضمت العديد من الأحزاب القومية. في أول ماي 1945، شاركت في المظاهرات التي أشرف عليها حزب الشعب وكانت ضمن الجماعة التي هندست للمظاهرات رفقة أخواتها في النضال، كما ساهمت في علاج جرحى تلك المظاهرات. في 1946، اختيرت لتكون نائبة لرئيس جمعية الطلبة المسلمين الجزائريين لشمال إفريقيا وفي 1947 شاركت في بعث جمعية النساء المسلمات الجزائريات التابعة للحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية، وصارت رئيسة لنفس الجمعية التي عقدت أول جمعية عامة لها عام 1947. بعد زواجها من المجاهد والمحامي عبد الرزاق شنتوف اقتنعت بأفكار جبهة التحرير وتركت حزب والدها وانضمت إلى الآفلان، ومن خلال عملها كقابلة استغلت مامية هذه المهنة لتنشر الفكري الثوري في أوساط الجزائريات في العاصمة في أول ماي، الحراش والقصبة. طردت من البلاد في عام 1955 نتيجة نشاطها الثوري لكن أياما بعد حل الجمعية الوطنية الفرنسية ورفع حالة الطوارئ، عادت مجددا مامية إلى النشاط ضمن قواعد جبهة التحرير الثورية، شاركت إلى جانب زميلاتها في إيواء العديد من زعماء الثورة أمثال بن يوسف بن خدة وعبان رمضان. تم توقيف مامية إلى جانب الكثير من الأسماء وبعد إطلاق سراحها غادرت إلى تونس حيث التحقت بزوجها الثوري هناك. عملت مامية في أول تنظيم للإغاثة في الجزائر الهلال الأحمر الجزائري" حيث ساهمت في نقل الصوت الجزائر إلى عدة محافل دولية. بعد الاستقلال استأنفت مامية دراستها في العلوم السياسية، حيث كانت ضمن أول دفعة تخرجت عام 1965. وترأست عام 1966 أول اتحاد نسائي جزائري، وقد استقالت من الاتحاد عام 1966 بسبب قانون الأسرة الذي كانت مامية من المعارضين للبند الذي يسمح بالجمع بين الزوجات، وانسحبت بعدها من الحياة السياسية، إلى أن فارقت الحياة، أمس، بالعاصمة، وكانت المخرجة باية الهاشمي قد أعدت منذ سنتين عن الراحلة فيلم وثائقي حيث أكد، أمس، للفجر أنه لا يمكن الحديث عن الحركة النسوية والنضال النسائي الجزائري دون الحديث عن مامية شنتوف.