لم تعد الأضحية بالنسبة للكثير من الجزائريين سنة مؤكدة فرضها تعالى على من استطاع من عباده فحسب، بل أضحى أغلبهم يلجؤون لكل الطرق مهما كانت من أجل شراء كبش عيد يفرحون به الصغار أولا، ولعل رهن المجوهرات هي آخر السبل التي أصبحت ملاذا للكثيرين من أجل تجاوز الأزمات المالية التي تمر بها الأسرة. ارتفاع أسعار الأضاحي وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، وكذا تعاقب المناسبات والظروف التي ترهق ميزانية الأسرة، كلها عوامل دفعت بالكثير من العائلات الجزائرية للجوء إلى طرق كثيرة من أجل تغطية النفقات وسد العجز. ولأجل شراء الأضحية أقدم الكثيرون على الاستدانة أو رهن المجوهرات من أجل إدخال الفرحة على الأبناء خاصة. الاستدانة كأول الحلول.. تلجأ العديد من العائلات إلى الاستدانة من أجل شراء الأضحية. وعند تحدثنا إلى بعض المواطنين تبين لنا أن العديد من ذوي الدخل المحدود منهم، يلجؤون إلى الاستدانة لإدخال الفرحة في نفوس الأطفال، على غرار مصطفى - أب لأربعة أطفال، الذي أخبرنا أنه ككل سنة سيقوم باقتراض المال من أجل اقتناء أضحية العيد، والتي يقول إنها واجبة ولا يمكن الاستغناء عنها. ومن جهتها تقول فريدة إنها اضطرت إلى طلب المال من إحدى جاراتها من أجل شراء أضحية تدخل بها الفرحة على أبنائها. وفي سياق متصل تقول فتيحة: ”أرهقتنا فعلا المصاريف هذه السنة، فشهر رمضان ومستلزماته ثم الدخول المدرسي مباشرة أتعب ميزانية الأسرة، ما دفعنا إلى الاقتراض، فالراتب الذي يتقاضاه زوجي لا يكفي لكل تلك النفقات، وقد استدان زوجي هذا العام لتغطيتها، لاسيما أن لدينا خمسة أطفال كلهم متمدرسون، كما أن شراء الأضحية لا يزال يؤرقنا ولا شك أننا سنلجأ للتدين أيضا”. نساء ترهن المجوهرات لسد الحاجة تضاعف عدد النساء اللاجئات إلى بنوك الرهن من أجل إيداع مجوهراتهن لتغطية بعض مصاريف البيت العالقة وتعويض الخلل في الميزانية، والذي تسببت به مصاريف شهر رمضان وكذا تكاليف الدخول المدرسي، فمن أجل الصعوبات التي تواجه الأولياء في اقتناء الأغراض المدرسية لأبنائهم لجأت الكثيرات منهن إلى رهن ما تمتلكنه من مجوهرات. وقد عرفت ظاهرة رهن المجوهرات ارتفاعا محسوسا خلال السنوات الأخيرة، رغم أنها ظاهرة قديمة كانت تلجأ إليها النساء عند الحاجة، غير أن في أيامنا هذه فإن المئات من النساء يلجأن إلى رهن مصوغاتهن لإعالة أفراد العائلة في الموازنة في مصروف البيت. وفي سياق متصل تقول منيرة:”قمت برهن سلسلة زواجي مقابل الحصول على مبلغ لأسد حاجات أبنائي خلال الدخول المدرسي”. وتقول فاطمة إنها لجأت كذلك إلى ذات الأمر حتى تمكن أبناءها من شراء كل اللوازم المدرسية، لأن الراتب الشهري لزوجها لا يكفي سوى لسد بعض الحاجيات اليومية، خاصة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغلاء المعيشة فلا يستطيع زوجها أن يتكفل بكل هذه المصاريف، ”وكل سنة عندما تكثر المصاريف كشهر رمضان أو الدخول المدرسي أقوم برهن مجوهراتي وبعدها أحاول أن أجمع المبلغ المستحق لاسترجاعها”. للشرع رأي في الموضوع لما تفشت مؤخرا ظاهرة الاقتراض ورهن المجوهرات من أجل اقتناء الأضحية، لاسيما أن هذه الأخيرة تعرف ارتفاعا لامعقولا في أسعارها، كان لزاما أن نعرف رأي الشرع في الموضوع. وفي ذات السياق أكد نصر الدين خالفي، المختص في العلوم الشرعية، أن الأضحية سنة مؤكدة يكره تركها لمن استطاع شراءها، ولا يكلف الله نفسا إلا ما استطاعت”. ويضيف ذات المتحدث أنه تجوز الاستدانة من أجل شراء أضحية العيد بشرط يكون رد الدين دون مشقة وحرج، وإن لم يستطع الإنسان رد الدين فلا يجوز له ذبح كبش العيد، لأن الله تعالى ما فرض شيئا ليشق به على عباده، وديننا دين يسر وليس دين عسر.