تصريحات بعض الناشرين الجزائريين متفائلة جدا بالنسبة لمبيعات "الرواية"، هل هناك تقدم فعلي في رواج هذا الجنس الأدبي في الجزائر أم أن "التصريحات المتفائلة" مجرد إشهار صحفي لما نشرته الدور الوطنية من روايات؟ هل يمكن الحديث عن رواج الرواية إذا باع هذا الناشر أو ذاك خمسين أو ستين رواية في المعرض؟ وبعد المعرض، كم يباع من روايات خلال السنة؟ لا توجد أية إحصائيات، كأن الناشر الجزائري يطبع ما يعادل ثلاثة آلاف نسخة من أول رواية لكتاب شاب فيبعيها كلها خلال العام (1) اليوم لايطبع الناشر الجزائري (وحتى العربي) إلا ألف نسخة ويصعب عليه بيعها خلال سنة أو سنتين إن لم نقل ثلاث سنوات (2) لقد تغيرت الأمور التجارية في ميدان نشر الكتاب الثقافي عامة لأسباب كثيرة، تذكر منها: 1 غلق المكتبات المتخصصة وتحويلها إلى متاجر مربحة أو مطاعم ومقاهي، إلخ... 2 سوء توزيع الكتاب لعدم اتفاق الناشرين على تأسيس شركة توزيع محترفة كما فعلت المؤسسات الصحفية التي نشأت بعد دستور 1989. 3 قلة الربح في الكتاب الثقافي لدى الناشر والمكتبي على حد سواء. 4 عدم تفاهم الناشرين والكتبيين على طريقة "الإيداع للبيع" (dépot - vente) وهي الطريقة المعروفة عالميا في تجارة الكتاب: أي أن يودع الناشر كتبه لدى الكتبي لبيعها ويدفع له حسب عدد النسخ المباعة. 5 رفض الكتبيين شراء الكتب التي يعتقدون أنها "لا تباع" ويأتي على رأس هذه الكتب المؤلفات الأدبية ومؤلفات الفكر والبحوث الجامعية غير المدرجة في أطوار التعليم الجزائري بما في ذلك طور التعليم الجامعي. 6 الناشرون الذين يملكون "بعض الإمكانيات المادية" يوزعون كتبهم في المدن الكبرى (العاصمة، وهران، عناب، قسنطينة وسطيف) غير أن مبيعاتهم ترتكز في 90٪ منها على الكتب شبه المدرسية و"الكتب المفيدة" (كالقواميس) وكتب الدين أو بعض مذكرات مسؤولينا ومجاهدينا (مثل مذكرات الرئيس المرحوم الشاذلي بن جديد)، التوزيع يتم عادة بسيارة فوركون fourgon لكن هذا ليس مجديا في الكتاب الثقافي والأدبي، فأصحاب المكتبات يترددون كثير في قبوله إن لم يرفضوا بيعه نهائيا. 7 بعض الكتبيين "تطرفوا" فخصصوا مكتباتهم للكتاب الديني والكتاب شبه المدرسي لا غير. 8 مهنة الناشر في الجزائر هي الوحيدة التي تملك الرقم القياسي في النقابات ما يقارب 150 ناشر موزعين في خمس (05) نقابات! شيء لم يحدث في أي بلد! لماذا كل هذه "الخلافات"؟ 9 الكتاب الجزائري لا يصل إلى الجزائر العميقة، أما صحراؤنا الشاسعة فأبناؤها يقطعون أحيانا مئات الكيلومترات لشراء الكتب التي يحتاجونها. 10 باستثناء ديوان المطبوعات الجامعية الذي يملك محلات بيع في أغلب الجامعات، فإن أكثرية ناشرينا الآخرين لا يملكون مكتبات والذين يملكون محلات بيع كدار القصبة، (مكتبة واحدة) ودار هومة (واحدة أيضا) ودار الحكمة(محل اتحاد الكتاب) أو مؤسسة الفنون المطبعية (مكتبتان 02)، فإنهم يملكونها في العاصمة فقط! نحن نفرح حين نرى كتب واسيني الأعراج، أمين الزاوي، ياسمينة خضرا، حميد ڤرين وغيرهم تباع في المعرض مثلما نفرح لنجاح روايات الكتاب الشباب كبشير مفتي، سمير القاسمي، هاجر قويدري وغيرهم في صالون هذا العام، لكننا نبقى حائرين بل متشائمين أمام بيع الكتاب الجزائي، خاصة الثقافي والأدبي، طوال السنة وعبر كامل التراب الوطني. يكتبها: جيلالي خلاص
(1) من إحصائية أعددناها لمنظمة اليونسكو سنة 1986. (2) نحن بصدد إعداد إحصائية جديدة لعام 2013.