لماذا أوفد الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، قبل الزيارة التي سيقوم بها إلى الجزائر، رئيس حكومته ”إيرو” إلى المملكة المغربية؟ هل هو لطمأنة الملك الصديق على أن مكانة العرش محفوظة في قلب هولاند مثلما كانت محفوظة دائما عند من سبقه من رؤساء فرنسا، أم ليشرح للملك تفاصيل الزيارة إلى الجزائر وسبب توقيتها، والتي لا تخرج عن طمع فرنسا في كسب شيء من الجزائر، يساعد الرئيس هولاند الذي ورث عن سلفه وضعا كارثيا على مواجهة الأزمات التي تواجه بلاده، وأولاها أزمة الفقر التي تهدد نصف سكان فرنسا الكبيرة؟! فماذا سيحمل ”إيرو” من تطمينات للمغرب الذي عبر عن أسفه مؤخرا بسبب قيام هولاند بأول زيارة رئاسية له إلى الجزائر قبل المغرب، على غير عادة رؤساء فرنسا؟ فهل سيقول له ”لا تخافوا إنه مجرد ضحك على أذقان الجزائريين” والدليل أن ”إيرو” سيقف في المغرب على مشاريع فرنسية حقيقية، مشاريع مثمرة ساهمت في بناء الاقتصاد المغربي، بينما ستحمل لنا زيارة هولاند إلى الجزائر الكثير من الخطابات والكثير من الكلام. برنامج الزيارة ينص على توقيع صفقات! لا أدري من سيكون المستفيد من هذه الصفقات؟ حتى مصنع ”رونو” الذي سال بشأنه حبر كثير أغلى من قيمته الاستثمارية، أصبح غير ناجع، ليس لأن شركة ”رونو” تحقق أكبر مبيعات لها في الخارج بالجزائر خاصة، وبالتالي ليست في حاجة لصنع سياراتها هنا ببلادنا، وقالت إن سيارة ”رونو” الجزائرية ستكون تكلفتها أكثر من ”رونو” المستوردة. ووفاء دائما للمغرب فإن ”رونو” الجزائر لن ترى النور، فإلى من سيصدر المغرب سياراته إن لم يكن ذلك إلى السوق الجزائرية؟! إذا كانت الزيارة لن تأتي بجديد في جانب العلاقات الاقتصادية التي لا يحتاج تفعيلها أصلا إلى زيارة رئاسية، فإن زيارة هولاند تبقى فقط لبحث منفذ للرئيس الفرنسي الذي بمجرد مسكه للسلطة بدأت رؤوس أموال الفرنسيين تهاجر إلى بلجيكا وبريطانيا هروبا من الضرائب، وليس لهولاند بديل عن الأموال الجزائرية. أما التاريخ، فيبدو أن هؤلاند اكتفى ”بالغمزة” التي وجهها إلينا باعترافه بجريمة السين في 17 أكتوبر، لكنه لن يعترف بالماضي الاستعماري لبلاده مع أن المسؤول عن هذا الماضي ليس هولاند، وإنما شارل العاشر وكل من تبعه من رؤساء حتى دوغول. لأن هولاند إذا ما اعترف بالمجازر الاستعمارية وبأن الاستعمار فعل مشين، فهذا الاعتراف سيكون له تبعات، ومنها توقف الفرنسيين عن المطالبة بأملاكهم المزعومة في الجزائر، والتي تعول فرنسا على حل جزء من مشاكلها المالية من خلال استرجاعها. نحن لم نطلب تعويضا من فرنسا، نطلب منها فقط الكف عن المطالبة بحقوق جلبها الاستقلال ونطالبها بالكف عن الطمع في ثرواتنا، والكف عن التدخل في شؤوننا... هولاند سيعود إلى بلاده بمكاسب، ونبقى هنا نحن بحسرتنا؟!