يبدو أن العد العكسي لحكم بشار قد بدأ فعلا، خاصة منذ تصريحات وزير خارجية روسيا الأسبوع الماضي عندما قال إن بلاده لا تتمسك بالأسد، وحتى قبله عندما صرح بوتين أثناء لقائه بأردوغان مطلع ديسمبر الجاري بأن ”الدب الروسي” لا يناصر الأسد. لكن هل ستنضم روسيا إلى مجموعة أعضاء المجتمع الدولي الذي طالبه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس بدفع الأسد إلى الرحيل؟ شيء من الضبابية ما زال يطغى على الموقف الروسي من بشار الأسد، وفيما ابتهج المعولون لتخلي روسيا عن الأسد، بعد تصريحات مبعوث الكرملين إلى الشرق الأوسط بوغدانوف الذي قال الخميس إن المعارضة السورية يمكن أن تنتصر على نظام بشار، نفت أمس الخارجية الروسية هكذا تصريح، وقالت إنها لا ولن تغير موقفها من نظام بشار!؟ وبعيدا عن التصريحات والتصريحات المضادة، وما كسبته المعارضة السورية في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري المنعقد في المغرب، من تأييد دولي، مازالت دمشق تعيش على وقع الانفجارات، ومازال الشعب السوري بطرفيه المعارض والموالي يدفع بعشرات الضحايا يوميا من الجهتين. لا أحد يدرك بدقة ما يجري على الأرض في سوريا، ومن مع من؟ فالشعب السوري وجد نفسه معارضا برمته للأسد، لأنه كلما حلت قوات من الجيش الحر في حي أو مدينة ما، كلما قابلها نظام الأسد بالقصف، فيسقط الضحايا، وتتحول المناطق المقصوفة إلى معادية للأسد مرغمة، حتى ولو لم تختر المعارضة! هكذا يصور السوريون الناجون من نار المعارضة والنظام على السواء الوضع في سوريا، وفي دمشق تحديدا، التي يقولون إنها محاصرة وليست المعارضة هي التي كسبت على الأرض، بل إن رد نظام الأسد هو الذي ألقى بالمزيد من الأراضي تحت سيطرة الجيش المسمى ”بالحر”!؟ لكن ماذا سينتظر الشعب السوري إذا ما نجح المجتمع الدولي في إجبار الأسد على الرحيل، وإن كان هذا ”الانتصار” يبدو الآن مستحيلا، بحكم أن العارفين بأوضاع سوريا يؤكدون أنه لن تُمس شعرة من رأس الأسد إلا بسقوط مليوني قتيل!؟ هل ستكون سوريا بأفضل حال، مثلما هي اليوم ليبيا بأفضل حال من غير القذافي؟! أي هل سوريا مقبلة على الفوضى التي تسيطر اليوم على الشارع الليبي، الذي لم ينجح في وقف المجازر والاقتتال بعد أزيد من سنة من القضاء على القذافي؟ كل المعطيات تؤكد أن سوريا مقبلة على انهيار شامل، في البنية التحتية التي هدم منها ما نسبته 60٪ خلال الحرب الدائرة منذ قرابة سنتين، ومقبلة على أزمات اجتماعية، من أزمات صحية، وأزمة مؤونة، إضافة إلى أزمة المأوى في هذا الثناء القادم. أما الديمقراطية التي يوهم السوريون أنفسهم بتحقيقها، فهي بعيدة، إن لم نقل مستحيلة، لأن المقاتلين المندسين في صفوف الجيش الحر، يسمون بالقاعدة، ويسمون بجبهة النصرة المتشددة، ويسمون بشتى الأسماء التي تسعى للديمقراطية والحوار، بل تحلم بشام يطبق الشريعة ويرفض الحوار وينهج منهج التفكير ويقيم الحدود... وهذا ما ينتظر الشعب السوري الذي لم ينعم بالحرية تحت نظام الأسد، وقد لا ينعم بها أبدا!؟