وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على تبني خيار التدخل العسكري في شمال مالي، وإرسال قوة إفريقية لتطهير شمال البلاد من الجماعات الإرهابية التي تسيطر عليه منذ الانقلاب على الشرعية الدستورية، وحدد فترة نشر هذه القوات مبدئيا بسنة واحدة. نجحت فرنسا أخيرا في مساعيها باستصدار قرار أممي يجيز التدخل العسكري في شمال مالي لطرد الجماعات المسلحة، رغم رفض عدة دول جارة تصر على ضرورة تغليب الحوار والمفاوضات لتجنيب المنطقة ويلات حرب ستأتي على الأخضر واليابس. ويقضي القرار الأممي الصادر، أمس الأول، نشر قوات دولية بقيادة إفريقية في مالي، دعمًا للحكومة المركزية في مساعيها لاستعادة السيطرة على شمال البلاد التي هيمنت عليها الجماعات الإرهابية بعد الإطاحة بالنظام والسيطرة على ثلاث أهم مدن شمال البلاد. وحسب القرار الأممي، الذي قدمته فرنسا في وقت سابق باسم جيوش دول إفريقيا الغربية، سيتم نشر قوات عسكرية إفريقية أطلق عليها اسم ”أفيسما” تتمثل مهمتها في مساعدة الدفاع والأمن المالي، ودعم الحكومة الانتقالية في الحفاظ على الأمن وحماية المدنيين. وحدد القرار مهام القوات العسكرية مبدئيا، ومدة نشرها بسنة واحدة كخطوة أولى غير أنه ”لم يحدد ذلك بجدول زمني تبدأ منه المهمة العسكرية”. وأكد مسؤولون في الأممالمتحدة، أن استعادة شمال مالي من سيطرة المسلحين لن تبدأ قبل خريف عام 2013م، على أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريرًا دوريًا إلى مجلس الأمن حول نتائج المفاوضات السياسية والتحضيرات العسكرية. كما ينص القرار الأممي على ”إعادة بناء الجيش المالي وتدريب القوات الإفريقية المشتركة التي ستكون جزءًا من القوات الدولية التي ستنتشر في مالي حتى تكون على أتم الاستعداد للسيطرة على شمال البلاد”. ودعا مجلس الأمن باماكو إلى ”حوار سياسي من خلال إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية قبل أبريل 2013م، بالإضافة إلى المفاوضات مع الجماعات المسلحة في شمال البلاد. ويأتي القرار بعد التصويت على مشروع فرنسي ”يتضمن إجازة نشر قوة دولية في مالي وفق جدول زمني على مراحل، بهدف طرد المسلحين الذين يسيطرون على شمال مالي”، في وقت سعى فيه ”الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لنشرة قوة إفريقية من 3300 رجل بشكل فوري وسريع”، رغم الخلافات التي برزت بين بعض الدول الإفريقية حول صيغة المشاركة كما ظهر جليا خلال الاجتماعات. هذا واجتمع وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس، برئيس الوزراء المالي شيخ موديبو ديارا، وبحثا العملية العسكرية الأفريقية المحتملة ضد الجماعات المتشددة التي تسيطر على شمال مالي. وتحاول الجزائر منذ البداية الابتعاد عن التدخل العسكري، في حل أزمة الساحل بالنظر إلى تداعياتها على المنطقة برمتها، خاصة بعد حالة الانفلات الأمني الكبير والانتشار الواسع للأسلحة المهربة من مخازن القذافي، كما تصر الجزائر على ضرورة التفرقة بين الجماعات الإرهابية ممثلة في الجهاد والتوحيد وما يعرف بقاعدة المغرب، والشعب الأزوادي ممثلا في الحركة الوطنية لتحرير الأزواد وجماعة أنصار الدين.