تبنى مجلس الأمن بالإجماع، أول أمس، قرارا ''يسمح فيه لفترة أولية تمتد عاما'' بنشر قوة دعم دولية في مالي، تحت قيادة إفريقية مهمتها مساعدة السلطات المالية على استعادة مناطق شمال البلاد التي تسيطر عليها مجموعات مسلحة إرهابية ومتطرفة. قرار مجلس الأمن، الذي وصف ب''الحذر''، يسمح لقوة تدخل إفريقية، دون تحديد أجندة معينة، باتخاذ ''كل التدابير الضرورية'' تماشيا مع القوانين الدولية من أجل استعادة السيطرة على شمال مالي. ولم يحدد نص القرار لمجلس الأمن كيفية تمويل هذه القوة العسكرية، حيث يفضل الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، مساهمات طوعية من الدول الأعضاء بدلا من تمويل من طرف الأممالمتحدة. وينص القرار الذي يحمل رقم 2085 الذي تقدمت به فرنسا، يوم الأربعاء الماضي، إلى مجلس الأمن للسماح بنشر قوات عسكرية في شمال مالي، على مسارين أحدهما سياسي يدعو حكومة باماكو إلى ''فرض القانون والبدء بمفاوضات مع الجماعات المسلحة التي تنبذ الإرهاب''، في إشارة إلى حركتي أنصار الدين والأزواد، وذلك قصد العودة إلى الشرعية الدستورية وإجراء الانتخابات قبل أفريل .2013 ومسار ثان عسكري ينص على إعادة بناء الجيش المالي وتدريب القوات الإفريقية التي ستنضم إلى القوة الدولية المقرر نشرها''، وهي المهمة التي لن تكون جاهزة حسب الخبراء قبل خريف .2013 وشدد مجلس الأمن على أن انتشار القوات في شمال مالي مرتبط بمدى اقتناعه ب''جاهزية'' هذه القوات من حيث التكوين والتدريب والتجهيز، كما ألح على ضرورة ''تخفيض تداعيات التدخل العسكري على السكان المدنيين''، على حد تعبير بان كي مون. واعتبر السفير الفرنسي في الأممالمتحدة، جيرار أرود، بأن هذا القرار ''مجرد مرحلة وينتظر الكثير فعله في الميدان وفي نيويورك''، مسجلا بأن لائحة مجلس الأمن ''تفضل المفاوضات السياسية، والنص المقدم ليس إعلان حرب وليس هو خيارنا، والتدخل العسكري لن يحدث سوى في الوقت المناسب''. وعقب محادثات دامت لأسابيع قليلة بين واشنطن وباريس حول أزمة مالي، باعتبار أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تكن مقتنعة بالملف المقدم من قبل فرنسا ومجموعة ''إيكواس''، بشأن قدرة قوات عسكرية إفريقية على تحرير شمال مالي، تبنى مجلس الأمن القرار. ويشكل المشكل المالي في تمويل العملية العسكرية المقدر ب 200 مليون دولار سنويا، عقبة بالنظر إلى عدم وجود ممولين لها باستثناء الاتحاد الأوروبي الذي وعد بدفع 30 مليون أورو. ومن ناحية أخرى، تتصاعد المخاوف الدولية بشأن الوضع في مالي، بحيث توقع خبراء أمنيون أن يكون مصير الحملة العسكرية في شمال مالي ''الفشل''، جراء عدم تحضيرها جيدا وكذا بسبب مواجهة عدو ''الجماعات المسلحة'' المتمرسة في الميدان ودائمة الحركة. ونقلت وكالة ''فرانس برس'' عن رئيس جهاز مخابرات سابق، رفض الكشف عن هويته، قوله إن العملية العسكرية في شمال مالي تتجه صوب الجدار، لأنه لا يمكننا فعل أي شيء، وإذا فعلنا لا يمكننا فعل الشيء الكثير''، في إشارة إلى احتمال تكرار سيناريو أفغانستان في الساحل. في المقابل، رحب مسؤولون في الحكومة المالية بمعية أحزاب سياسية بالقرار الأممي. وحذرت وكالة أنباء أممية من أن التدخل العسكري في مالي قد ينعكس بتنقل 700 ألف شخص وانتشار الميليشيات وتفاقم الهجومات الإرهابية في بلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. وأكد فيليب كونرو، المنسق الإقليمي للعمليات الإنسانية ل''أوكسفام'' أنه ''يستحيل التوقع ماذا سيحدث وأين ومتى سيحدث في ظل تعدد السيناريوهات''.