فرنسا تنجح في تمرير قرار التدخل العسكري في شمال مالي تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 2085 لعام 2012، والذي يأذن بنشر بعثة دعم دولية في مالي بقيادة أفريقية لفترة أولية مدتها عام واحد. ووفقا للقرار، ستتولى البعثة الجديدة المساهمة في إعادة بناء قدرة قوات الدفاع والأمن المالية، بالتنسيق مع الشركاء الدوليين الآخرين بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء الأخرى، كما ستدعم البعثة السلطات المالية في استعادة مناطق الشمال من إقليمها، الواقعة تحت سيطرة الجماعات المسلحة الإرهابية والمتطرفة، وفي الحد من تهديد المنظمات الإرهابية بما في ذلك تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة الوحدة والجهاد في غرب أفريقيا، والمنظمات المتطرفة المرتبطة بها، مع اتخاذ التدابير الملائمة للحد من أثر الإجراءات العسكرية على السكان المدنيين. القرار الأممي جاء بعد ضغوطات كبيرة قامت بها فرنسا و حلفائها من الدول الأفريقية لنشر قوة سلام دولية في شمال مالي تسمح باستعادة سيطرة حكومة باماكو المركزية على الأجزاء الشمالية من البلاد التي تنتشر بها جماعات مسلحة بعضها جماعات أصولية متطرفة مدججة بالأسلحة الثقيلة المنتشرة في منطقة الساحل و لبعضها صلات بتنظيم القاعدة الإرهابي، و كانت الأممالمتحدة قبل أيام قد وضعت جماعة التوحيد و الجهاد في غرب إفريقيا على لائحة المنظمات الإرهابية في العالم. القرار الأممي الذي صوت لصالحه الأعضاء الخمسة عشر بمجلس الأمن الدولي برئاسة سفير المملكة المغربية لدى الأممالمتحدة يمنح مع ذلك الفرصة للقوى السياسية في مالي حتى أفريل 2013 لكي تواصل مشاوراتها و مفاوضاتها قبل اللجوء إلى بسط سيطرتها على الشمال بدعم من القوى الدولية، و كانت سلسلة مفاوضات و لقاءات قد بدأت بين الحكومة و الجماعات المعارضة منها حركة أنصار الدين التي نأت بنفسها قليلا عن التشدد و مجموعات من متمردي الثوار في شمال مالي. و إذا حققت تلك اللقاءات التفاوضية مبتغاها فلن يكون للتدخل العسكري من مجموعة دول غرب إفريقيا «إيكواس» معنى و لا مبرر حسب بعض البنود التي تضمنها القرار، الذي طلب من الحكومة المركزية في باماكو اتخاذ الخطوات الأولى بالعودة إلى الشرعية الدستورية و تنظيم انتخابات رئاسية في البلاد كشرط أولي لنشر القوات الأممية، كما طلب من الدول الأعضاء و المنظمات الإقليمية دعم و مساندة القوات الحكومية المالية بالكفاءات و الخبرات اللازمة لكي يتمكن الجيش المالي من بسط السيطرة على منطقة «الأزواد» الشمالية و قرر مجلس الأمن نشر قوة لفترة أولى مدتها عام واحد تسمى البعثة الدولية لمساندة مالي تحت قيادة افريقية، و لهذه القوة أن تتخذ ما تراه مناسبا من اجراءات لكي تحقق أهدافها و المتمثلة في المساعدة على إعادة بناء قدرات القوات المسلحة المالية و مساعدة باماكو على استعادة أقاليم البلاد الشمالية الواقعة تحت سيطرة الجماعات الإرهابية المسلحة و المتطرفة، و طلب مجلس الأمن من الإتحاد الإفريقي موافاته بتقرير عن المهمة كل شهرين حتى قبل بداية نشر قوات السلام الإفريقية يتضمن التطرق الى مدى التقدم على المسار السياسي المتعلق بالمفاوضات بين اطراف الازمة المالية و حالة التأهب العملياتي و مدى نجاعة سلسلة القيادة في القوة الأممية المؤلفة من 3300 جندي المزمع نشرها في شمال مالي بعد أفريل القادم. و لن يسمح مجلس الأمن حسب القرار بنشر قوات عسكرية دولية في شمال مالي ما لم يتأكد أن جاهزيتها مرضية. و نقلت تقارير إعلامية ان الجيش المالي الذي انهكته حالة التمرد في إقليم الأزواد و سارعت بانهياره ثم الانقلاب الذي حدث في مطلع ماي المنصرم يحتاج الى اشهر طويلة كي يستعيد تنظيمه و قدرت المصادر الدبلوماسية ان التدخل العسكري الأممي في مالي لن يكون فعليا قبل خريف 2013. في باماكو عبر مستشار الرئيس المالي المؤقت عن سعادته لتصويت مجلس الأمن الدولي لصالح قرار بنشر قوات دولية في الشمال و قال مصطفى سيسي عن الجبهة الديمقراطية الجمهورية التي تأسست عقب الانقلاب على الرئيس أمادو توماني توري أن القرار يؤكد أن المجموعة الدولية لم تتخل عن مالي و لم تترك مالي يواجه مصيره بمفرده. ع.ش