انتعشت، مؤخرا، ظاهرة اقتناء الأواني والأفرشة المستعملة التي يخلّفها أصحاب ورشات البناء الأجانب، بعد أن تباع بأسعار بخسة في بعض أسواق الخردة، حيث تعد هذه الأخيرة مقصدا للكثير من العائلات التي تبحث عن أشياء ذات قيمة بأثمان معقولة مقارنة بقيمتها الحقيقية. “الإنوكس”، الفخار، القدور السيراميكية، الأواني النحاسية.. منتوجات وسلع مستعملة تباع في بعض أسواق الخردة، بعدما تخلى عنها أصحابها من الأجانب، على غرار الأتراك والإسبان الذين انقضت مدة إقامتهم فور انتهاء مشاريعهم، حيث يجد الزبائن، وفي مقدمتهم النساء اللواتي يرغبن في تبديل طقم المطبخ أو المنزل، ضالتهن فيها، خاصة أنها تباع بأسعار زهيدة. وفي هذا الشأن ارتأت “الفجر” أن تسلط الضوء على هذا الموضوع بزيارة بعض أسواق الخردة. تحت شعار”يا مرا اخطيك من الشياكا واشري من عند التراكا” قصدنا إحدى أسواق الخردة ببلدية بوفاريك، وبالضبط سوق المكسيك كما ينعته أبناء المنطقة، حيث وقفنا أمام الكم الهائل من الزبائن الذين يتوافدون على اقتناء بعض الأواني والأفرشة المستعملة، بحثا عن بعض الأجهزة المنزلية أوالسلع التي تتفاوت أسعارها حسب حالة كل منتوج، غير أن الشيء الذي لفت انتباهنا الشعارات التي يرددها بائعوها كعبارة “يالعجوز اغسلي ودوزني”، “يامرا اخطيك من الشياكة واشري ماعند التراكا” وغيرها من العبارات التي تستقطب الزبائن. اقتربنا من بعض النساء اللواتي كنّ بصدد اقتناء بعض الاواني، حيث أعربت أغلبهن أنها سلع ذات قيمة وبسعر رخيص، ينقصها فقط بعض التنظيف والتلميع وتصبح “تللش”، حسب تعبيرهن. من جهته، قال أحد بائعي هذه الأواني إن الإقبال على شراء هذه المنتوجات كبير لدرجة أن الكمية لا تكفي للجميع، مشيرا إلى أن هناك بعض الزبائن يرتادون المكان كل يوم بحثا عن “موديلات” جديدة كأباريق الشاي أوقدور السيراميك بمختلف الأشكال والألوان”. .. وآخرون يسترزقون من التلميع والصيانة وغير بعيد عن مكان بيع هذه الأواني المستعملة، نجد البعض يغتنمون الفرصة لكسب بعض القطع النقدية مقابل تجديد وتنظيف الأدوات المستعملة، حيث يقومون بانتظار الزبائن الذين يرغبون بتنظيفها أو تلميعها بسعر لا يتجاوز 100 دج، وهو ما لمسناه عند سمير، ملمع نحاس، الذي قال “نحن نقوم بإصلاح بعض الأواني المكسورة أو تلميعها مباشرة بعد شرائها وبأسعار في متناول الجميع”. وفي السياق ذاته، أضاف أن “هناك الكثير من يقتني عددا من السلع ويأتون إلينا لتلميعها أو تنظيفها”. أخصائيون يطالبون بتشديد الرقابة للتأكد من مصدر السلع وفي حديث خاص جمعنا مع الحاج الطاهر بولنوار، الناطق باسم التجار والحرفيين الجزائريين، لمعرفة المزيد عن الظاهرة، أجاب هذا الأخير أن إعادة بيع الأواني المستعملة لا تتم إلا في الأسواق الموازية، مرجعا السبب إلى ضعف القدرة الشرائية وكذا لارتفاع أسعار الأدوات الجديدة، وعليه يتم اللجوء إلى اقتناء هذه المنتوجات المستعملة”. وأضاف الناطق الرسمي باسم التجار والحرفيين الجزائريين أن 90 بالمائة من هذه السلع المستعملة على اختلاف أنواعها تمر عبر نقاط البيع الفوضوية والتجارة الموازية، مشيرا إلى أن مصدرها غير معروف وهناك احتمال كبير أن تكون مسروقة. وفي السياق ذاته، أفاد بولنوار أن بعض البائعين يمرون حول البيوت بحثا عن مثل هذه السلع ويشترونها من العائلات بأسعار رخيصة، وهناك من يحصل عليها مجانا من طرف أصحاب المشاريع أو ورشات البناء، مضيفا:”هنا تكمن الخطورة لأن هؤلاء الأشخاص الذين يقتنونها أو يحصلون عليها ليس لهم إمكانيات تنظيفها، وبالتالي فهي تؤثر على صحة مقتنيها”. فتح المجال لتشجيع تسويق المواد المسروقة وتابع ذات المتحدث قائلا إن هذه المهنة لا تستند إلى معايير العمل القانوني، مشيرا إلى أنها تفتح المجال لتشجيع تسويق المواد المسروقة، مطالبا في الوقت ذاته بمنع نقاط البيع الموازية، وتوعية المواطن بخطورة اقتناء هذه المواد، وكذا تشديد الرقابة على أصحاب هذه الورشات لتسليم مخلفاتهم للهيئات أو السلطات المعنية بالمشروع.